للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السّيوطيُّ (ت: ٩١١) إلى صعوبةِ الوقوفِ عليه؛ فقالَ: «وإجماعُ العربِ أيضاً حُجَّةٌ، ولكنْ أنّى لنا بالوقوفِ عليه. ومِن صُوَرِه: أن يتكلَّمَ العربيُّ بشيءٍ، ويبلُغَهم، ويسكتون عليه» (١).

٢ - الأغلبُ والأكثرُ والمشهورُ والمُستفيضُ والأفصحُ من كلامِ العربِ، وقد كرَّرَ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) الاستدلالَ بهذا النَّوعِ في (٢٢٥) موضِعاً؛ مِنها قولُه عن بعضِ الأقوالِ: «وهذا القولُ وإن كانَ مَذْهباً مِنْ المذاهبِ، فليس بالأشهرِ الأفصحِ في كلامِ العربِ، والذي هو أَولى بكتابِ الله أن يُوجَّهَ إليه مِنْ اللُّغاتِ الأفصحُ الأعرفُ مِنْ كلامِ العربِ، دون الأنْكرِ الأجْهلِ مِنْ مَنطِقها» (٢)، وقولُه في قولِه تعالى ﴿يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ﴾ [التوبة: ٣]: «وأمّا ما قالَ مجاهدُ مِنْ أنَّ يومَ الحجِّ إنَّما هو أيّامُه كُلُّها، فإنَّ ذلك وإن كانَ جائِزاً في كلامِ العربِ، فليس بالأشْهرِ الأعرفِ مِنْ كلامِ العربِ مِنْ معانيه، بل أغلَبُ على معنى اليومِ عندهم أنَّه: مِنْ غروبِ الشَّمسِ إلى مِثلِه مِنْ الغَدِ. وإنَّما مَحمَلُ تأويلِ كتابِ الله على الأشهرِ الأعرفِ مِنْ كلامِ مَنْ نزلَ الكتابُ بلسانِه» (٣)، وقولُه في قولِه تعالى ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ﴾ [التوبة: ١٢٢]: «وإنَّما قُلنا ذلك أَولى بالصَّوابِ -وهو قولُ الحسنِ البَصري الذي روَيْناه عنه (٤) - لأنَّ النَّفْرَ قد بيَّنّا فيما


(١) الاقتراح في أصول النحو ٢/ ٧١٤. وينظر: الإجماعُ في الدَّراسات النَّحوية (ص: ٣١).
(٢) جامع البيان ٢/ ٦٩٣.
(٣) جامع البيان ١١/ ٣٣٧.
(٤) يعني قولَه في معنى الآيةِ: «ليتفقَّهَ الذين خرجوا بما يُريهِم الله مِنْ الظُّهورِ على المُشركين والنُّصرةِ، ويُنذِروا قومَهم إذا رجعوا إليهم». جامع البيان ١٢/ ٨٢.

<<  <   >  >>