للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجدتُه» (١)، قالَ القرطبي (ت: ٦٧١): «وفي قولِ عكرمةَ هذا دليلٌ على شرفِ هذا العلمِ قديماً، وأنَّ الاعتناءَ به حَسَنٌ، والمَعرفةَ به فَضلٌ، ونَحوٌ مِنه قولُ ابنِ عباسٍ: مكَثتُ سنتَيْن أُريدُ أن أسألَ عُمرَ عن المَرأتَيْن اللَّتَيْن تظاهرَتا على رسولِ الله ، ما يمنعُني إلا مهابتُه (٢) (٣).

وشواهدُ استدلالِ السَّلفِ بأحوالِ النُّزولِ على المعاني كثيرةٌ مُتوافرَةٌ؛ مِنها قولُ سعيد بن جبير (ت: ٩٥) في قولِه تعالى ﴿وَأَنْ تَسْتَقْسِمُوا بِالْأَزْلَامِ﴾ [المائدة: ٣]: «قالَ: القِداحُ؛ كانوا إذا أرادوا أن يَخرُجوا في سَفرٍ جعلوا قِداحاً للخروجِ والجلوسِ، فإن وقعَ الخُروجُ خرجوا، وإن وقعَ الجُلوسُ جلسوا» (٤)، وحين سُئِلَ عن قولِه تعالى ﴿وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ﴾ [الرعد: ٤٣]، أهُو عبدُ الله بن سلَامٍ؟ قالَ: «هذه السُّورةُ مكيَّةٌ، فكيف يكونُ عبدَ الله بن سلَامٍ!» (٥)، وقالَ مُجاهد (ت: ١٠٤): «كانوا يحُجّون ولا يَتَّجِرون، فأنزلَ الله ﴿لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ١٩٨]، في المَواسِمِ» (٦)، وقالَ عطاءُ الخراسانيّ (ت: ١٣٥): «إنَّما نزلَ القرآنُ على قَدرِ معرِفتِهم؛ ألا ترى إلى قولِ الله تعالى ذِكرُه ﴿وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلَالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبَالِ أَكْنَانًا﴾ [النحل: ٨١]، وما جعلَ لهم مِنْ السُّهولِ أعظمُ وأكثَرُ؛ ولكنَّهم


(١) الاستيعاب في معرفةِ الأصحاب ٢/ ٧٥٠. وينظر: الجامع لأحكام القرآن ٧/ ٦٧.
(٢) الأثرُ في صحيح البخاري ٦/ ١٥٦ (٤٩١٣)، وصحيح مسلم ٤/ ٦٦ (١٤٧٩)، وفيه: «مكثتُ سنةً».
(٣) الجامع لأحكام القرآن ٧/ ٦٧.
(٤) جامع البيان ٨/ ٧٣.
(٥) جامع البيان ١٣/ ٨٥٦.
(٦) جامع البيان ٣/ ٥٠٢.

<<  <   >  >>