للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سليمانَ، دون ما كانَ سليمانُ يأمُرُهم به مِنْ طاعةِ الله، واتِّباعِ ما أمرَهم به في كِتابِه الذي أنزلَه على موسى صلى الله عليه. ذِكرُ الدَّلالةِ على صِحَّةِ ما قُلنا مِنْ الأخبارِ والآثارِ» (١)، ثُمَّ أَوردَ قصَّةَ سليمان عن عددٍ مِنْ السَّلفِ. وفي قولِه تعالى ﴿فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً﴾ [المائدة: ٢٦] ذَكرَ قولَ مَنْ قالَ: إنَّها حُرِّمَت أبداً عليهم فلم يدخلوها. ورجَّحَ القولَ الآخرَ: بأنَّ من بَقيَ مِمَّنْ حرَّمَها الله عليهم دخلوها مع موسى ، بعد التَّيْهِ أربعينَ سنةٍ. وقالَ: «وذلك لإجماعِ أهلِ العلمِ بأخبارِ الأوَّلين أنَّ عوجَ بن عناقَ قتلَه موسى ، فلو كانَ قَتلُه إيّاه قبلَ مصيرِه في التَّيْهِ -وهو مِنْ أعظمِ الجَبّارين خَلقاً- لم تَكُنْ بنو إسرائيلَ تَجزَعُ مِنْ الجَبّارين الجَزعَ الذي ظهرَ مِنها، ولكنَّ ذلك كانَ إن شاءَ الله بعد فناءِ الأُمَّةِ التي جَزِعَت (٢)، وعصَت ربَّها، وأبَت الدُّخولَ على الجَبّارين مَدينتَهم» (٣)، وقولُه أيضاً: «فإن قالَ لنا قائِلٌ: فما صِفةُ تَسويَةِ الله السَّماواتِ التي ذكرَها في قَولِه ﴿فَسَوَّاهُنَّ﴾ [البقرة: ٢٩]؛ إذْ كُنَّ قد خُلِقنَ سَبعاً قبل تَسويَتِه إيّاهُنَّ؟ وما وَجهُ ذِكرِ خَلقِهنَّ بعد ذِكرِ خلقِ الأرضِ، أَلأنَّها خُلقَت قبلَها، أم لِمَعنىً غيرِ ذلك؟ قيلَ: قد ذكَرْنا ذلك في الخبرِ الذي رَوَيْناه عن ابنِ إسحاقَ، ونزيدُ ذلك تَوْكيداً بما نضُمُّ إليه مِنْ أخبارِ السَّلفِ المُتقَدِّمين وأقوالِهم» (٤)، ومِمّا في تلك الأخبارِ تفصيلُ بَدْءِ الخَلقِ عن بني إسرائيلَ.


(١) جامع البيان ٢/ ٣٢٢.
(٢) مُرادُه: بعد فناءِ أكثرِها، كما في كلامِه قبلَ موضِعِ النَّقلِ.
(٣) جامع البيان ٨/ ٣١٤.
(٤) جامع البيان ١/ ٤٦١. وينظر: ٢/ ١٢٩، ٣٢٣، ٤/ ٤٥٥، ٤٦٦، ٥/ ٢٩٦، ٣٨٥، ٧/ ٦٥٨، ١٣/ ١٥٨.

<<  <   >  >>