للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حتى يَدعوَه إلى المَعصيَةِ .. ، فالله أعلمُ أيُّ ذلك كانَ فتابا إلى ربِّهما. قالَ أبو جعفرٍ: وليس في يَقينِ ابنِ إسحاقَ -لو كانَ قد أيْقنَ في نَفسِه- أنَّ إبليسَ لم يَخلُصْ إلى آدمَ وزوجتِه بالمُخاطبةِ بما أخبرَ الله عنه أنَّه قالَ لهما وخاطَبَهما به، ما يَجوزُ لذي فَهمٍ الاعتراضُ به على ما وردَ مِنْ القَولِ مُستفيضاً في أهلِ العلمِ، مع دلالةِ الكتابِ على صِحَّةِ ما استفاضَ مِنْ ذلك بينهم = فكيفَ بشَكِّه؟ واللهَ نسألُ التّوفيقَ» (١).

فكلُّ خبرٍ جمعَ تلك الشُّروطَ الثَّلاثةَ صَحَّ الاستدلالُ به في التَّفسيرِ، فإذا كانَ مَنقولاً عن بعضِ السَّلفِ فهي ميزَةٌ فيه مُعتبرَةٌ، فإذا استفاضَ بينهم، أو أجمَعوا على القَولِ به، أو لم يُعرَفْ عنهم سواه = تعيَّنَ تَقديمُه على غيرِه.

ويُلاحظُ في تلك الشُّروطِ مُطابقَتُها لضوابطِ الاحتجاجِ بالخبرِ الضَّعيفِ في دليلِ السُّنَّةِ (٢)، كما يسلُك ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) في تَقويَتِها بغيرِها مِنْ الأدلَّةِ نفسَ المَنهجِ هنالك (٣)، وهذا يُشيرُ لمعنى التَّشابُه بينهما الذي سبقَ ذكرُه عن البِقاعيّ (ت: ٨٨٥). (٤)

ويتبيَّنُ مِمّا سبقَ أيضاً أنَّه: لا يُشترطُ لصِحَّةِ الاستدلالِ بالخبرِ الإسرائيليّ قيامُ الدَّليلِ على صِحَّةِ معناه، وإنَّما المَطلوبُ: عدمُ الدَّليلِ على بُطلانِه، فهذا كافٍ لتصحيحِ ذلك الاستدلالِ؛ وذلك أنَّ الشَّرعَ قد دَلَّ على أنَّ فيما يُحدِّثُ به أهلُ الكتابِ حقٌّ، والحقُّ فيه إمّا أن يكونَ


(١) جامع البيان ١/ ٥٦٩.
(٢) (ص: ٢٣٤).
(٣) (ص: ٢٤٢).
(٤) (ص: ٤٦٧). وينظر: تفسير ابن كثير ١٣/ ١٨٠.

<<  <   >  >>