للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن واحدٍ مِنْ عُلماءِ أهلِ الكتابِ، أو مَنْ أخذَه عن أهلِ الكتابِ؛ لِما ثَبَتَ في الصَّحيحِ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «إذا حدَّثَكم أهلُ الكتابِ فلا تُصدِّقوهم ولا تُكذِّبوهم؛ فإمّا أن يُحدِّثوكم بباطلٍ فتُصدِّقوهم، وإمّا أن يُحدِّثوكم بحَقٍّ فتُكذِّبوهم» (١) (٢).

تاسعاً: يستدلُّ ابنُ جريرٍ (ت: ٣١٠) بمُجمَلِ الخبرِ الإسرائيليّ على المعاني، وذلك في مواضِعَ كثيرةٍ، مِنها قولُه: «وقولُه ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [يونس: ٨٨]: هذا دُعاءٌ مِنْ موسى، دعا اللهَ على فِرعونَ وملَئِه، أن يُغيِّرَ أموالَهم عن هَيئَتِها، ويَبَدِّلَها إلى غيرِ الحالِ التي هي بها، وذلك نحو قولِه ﴿مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا﴾ [النساء: ٤٧]، يعني به: مِنْ قبلِ أن نُغيِّرَها عن هَيئَتِها التي هي بها .. ، وقد اختلفَ أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك في هذا الموضِعِ، فقالَ جماعةٌ مِنهم فيه مثلَ قولِنا» (٣)، ثُمَّ أسندَ عن جماعةٍ كثيرةٍ مِنْ السَّلفِ: أنَّ الله تعالى صَيَّرَ أموالَهم بأنواعِها حجارةً، مع تفاوُتِ أقوالِهم في تَفصيلِ ذلك، فمُجملُ هذه الأخبارِ أفادَ تغيُّرَ أموالِهم عن هيئَتِها، وهو ما قصدَه ابنُ جريرٍ مِنْ الاستدلالِ بها للمعنى الذي اختارَه. ومِثلُ ذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿وَكَذَلِكَ بَعَثْنَاهُمْ لِيَتَسَاءَلُوا بَيْنَهُمْ قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ كَمْ لَبِثْتُمْ قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالُوا رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَامًا فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ﴾ [الكهف: ١٩]، حيث فسَّرَ


(١) الذي في الصَّحيحِ: «لا تُصَدِّقوا أهلَ الكتابِ ولا تُكَذِّبوهم». وقد سبقَ تخريجُهما (ص: ٤٤٧ - ٤٤٨).
(٢) تلخيص كتاب الاستغاثة ١/ ٨٠. وينظر: تفسير ابن كثير ١١/ ٣٠٢.
(٣) جامع البيان ١٢/ ٢٦٣.

<<  <   >  >>