للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قِيلِه، فأبانَ ذلك جلَّ ثناؤُه لخَلقِه» (١)، ثُمَّ ذكرَ اختلافَهم في تعيينِ القريَةِ في نَفسِ الآيةِ، وقالَ: «والصَّوابُ مِنْ القَولِ في ذلك كالقَولِ في اسمِ القائِلِ: ﴿أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾ [البقرة: ٢٥٩]، سواءً لا يَختلِفان» (٢).

ثانيَ عشر: عند اختِلافِ الأخبارِ الإسرائيليّةِ فإنَّ ابنَ جريرٍ (ت: ٣١٠) يقبلُ ما اتَّفقَت عليه، ثُمَّ يأخذُ بالظّاهرِ العامِ، مع تجويزِ ما جاءَت به؛ امتِثالاً لأمرِ الشَّرعِ، وعدمِ الدَّليلِ على بُطلانِها. ومِن شواهدِ ذلك قولُه في قولِه تعالى ﴿فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ﴾ [المائدة: ٣٠]: «وأَولى الأقوالِ في ذلك بالصَّوابِ أن يُقالَ: إنَّ الله عزَّ ذِكرُه قد أخبرَ عن القاتلِ أنَّه قتلَ أخاه، ولا خبرَ عندنا يَقطَعُ العُذرَ بِصِفةِ قَتلِه إيّاه، وجائزٌ أن يكونَ على نَحوِ ما قد ذكرَ السُّدّيُّ في خَبرِه، وجائزٌ أن يكونَ كانَ على ما ذكرَه مُجاهدٌ، والله أعلَمُ أيُّ ذلك كانَ، غيرَ أنَّ القتلَ قد كانَ، لا شَكَّ فيه» (٣)، وقولُه في قولِه تعالى ﴿وَلَمَّا وَقَعَ عَلَيْهِمُ الرِّجْزُ﴾ [الأعراف: ١٣٤]: «وأَولى القَولَيْن بالصَّوابِ في هذا المَوضِعِ أن يُقالَ: إنَّ الله تعالى ذِكرُه أخبرَ عن فِرعونَ وقومِه أنَّهم لمّا وقعَ عليهم الرِّجزُ -وهو: العذابُ والسَّخَطُ مِنْ الله عليهم- فزِعوا إلى موسى بمَسألَتِه ربَّه كَشْفَ ذلك عنهم، وجائزٌ أن يكونَ ذلك الرِّجزُ كانَ الطّوفانَ والجرادَ والقُمَّلَ والضَّفادعَ والدَّمَ؛ لأنَّ كلَّ ذلك كانَ عذاباً عليهم. وجائزٌ أن يكونَ ذلك الرِّجزُ كانَ طاعوناً، ولم يُخبِرنا الله أيَّ ذلك


(١) جامع البيان ٤/ ٥٨١.
(٢) جامع البيان ٤/ ٥٨٤.
(٣) جامع البيان ٨/ ٣٣٩.

<<  <   >  >>