للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشِّنقيطي (ت: ١٣٩٣): «وإنَّما كانَ قَولُ العلماءِ كافَّةً: أنَّ الجمعَ إن أمكنَ وجبَ المَصيرُ إليه؛ لأنَّ إعمالَ الدَّليلَيْن أَولى مِنْ إلغاءِ أحدِهما، كما هو معروفٌ في الأصولِ» (١).

سادساً: متى أمكنَ حملُ أحدِ الدَّليلَيْن على زمانٍ دون زمانٍ؛ وهو: النّاسخُ والمَنسوخُ، أو حالٍ دون حالٍ؛ وهو العامُّ والخاصُّ، والمُطلقُ والمُقيَّدُ = صارَ إليه، ولم يُرَجِّحْ، قالَ الشَّوكاني (ت: ١٢٥٠): «مِنْ شروطِ التَّرجيحِ التي لا بُدَّ مِنْ اعتبارِها: أن لا يُمكنَ الجمعُ بين المُتعارضَيْن بوَجهٍ مَقبولٍ، فإن أمكنَ ذلك تعيَّنَ المَصيرُ إليه، ولم يَجُزْ المَصيرُ إلى التَّرجيحِ» (٢)، ومِن ثَمَّ إذا تعارضَت الأدلَّةُ دلالةً وثُبوتاً ومحلّاً امتنعَ الجَمعُ، وصِيرَ إلى التَّرجيحِ.

ومِن أمثلةِ ذلك عند ابنِ جريرٍ (ت: ٣١٠) حَملُه عمومَ قولِه تعالى ﴿وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا﴾ [المائدة: ٣٨]، على خُصوصِ الخبرِ الواردِ عن رسولِ الله بتقديرِ حَدِّ ذلك، وبذا يزولُ التَّعارضُ، حيث قالَ: «والصَّوابُ مِنْ القَولِ في ذلك عندنا، قَولُ مَنْ قالَ: الآيةَ مَعنيٌّ بها خاصٌّ مِنْ السُّرّاقِ، وهم سُرّاقُ ربعِ دينارٍ فصاعداً أو قيمتِه؛ لصِحَّةِ الخبرِ عن رسولِ الله أنَّه قالَ: «القَطعُ في رُبعِ دينارٍ فصاعِداً» (٣) (٤)، ومِثلُه تعارضُ ظاهرِ قولِه تعالى ﴿وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ


(١) أضواء البيان ٥/ ١٩٧. وينظر منه: ٤/ ٤٠٣، ٥/ ١٦١.
(٢) إرشاد الفحول (ص: ٤٥٩).
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه ٨/ ١٦٠ (٦٧٨٩)، ومسلم في صحيحه ٤/ ٣٣١ (١٦٨٤)، والنَّسائي في سُنَنِه ٨/ ٤٥٣ (٤٩٤٥) واللَّفظُ له.
(٤) جامع البيان ٨/ ٤١٠.

<<  <   >  >>