للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمتكلمين، وبعضِ المتصوِّفة، في استدلالِهم على معانيهم بالعقائدِ الباطلةِ، والأصولِ العقليَّة الفاسدةِ (١)، قالَ أبو الحسن الأشعري (٢) (ت: ٣٢٤): «ورأيتُ الجُبَّائيَّ (٣) ألَّفَ في تفسيرِ القرآنِ كتاباً أَوَّلَه على خلافِ ما أنزلَ الله ﷿، وعلى لغةِ أهلِ قريتِه المعروفةِ بجُبَّى (٤)، وليس مِنْ أهلِ اللسانِ الذي نزلَ به القرآنُ، وما رَوى في كتابِه حرفاً واحداً عن أحدٍ مِنْ المفسرين، وإنَّما اعتمدَ على ما وسوسَ به صدرُه وشيطانُه» (٥)، ومِن ذلك ما سَمَّاهُ ابنُ تيمية (ت: ٧٢٨) ب (التَّفسيرِ على المَذْهَبِ) (٦)؛ وقد بَيَّنَهُ بقولِه: «يجعلون الألفاظَ التي أحدثوها ومعانيها هي الأصلُ، ويجعلون ما قالَه اللهُ ورسولُه تَبَعاً لهم، فيرُدُّونها بالتَّأويلِ والتَّحريفِ إلى معانيهم، ويقولون: نحن نُفَسِّر القرآنَ بالعقلِ واللغةِ. يَعنُون أنَّهم يعتقدون معنىً بعقلِهم ورأيِهم، ثم يتأوَّلون القرآنَ عليه، بما يُمكِنُهم مِنْ التأويلاتِ والتَّفسيراتِ المُتضمِّنةِ لتحريفِ الكَلمِ


(١) ينظر: الإبانةُ عن أصول الديانة (ص: ١٨٢)، والجامع لأحكام القرآن ١/ ٥٩، ومجموع الفتاوى ١٣/ ٣٥٦، ٣٥٩، والتحرير والتنوير ١/ ٣١.
(٢) علي بن إسماعيل بن أبي بِشر البصري، أبو الحسن الأشعري، كانَ معتزلِيّاً ثمَّ رَدَّ عليهم، وبرع في علم الكلام، ورجع في أواخر أمره إلى معتقد أهل السنة في مجمله. أَلَّف كتاباً في التَّفسير رَدَّ فيه على تفسير الجُبَّائي والبلخي، مات سنة (٣٢٤). ينظر: وفيات الأعيان ٣/ ٢٨٤، والسير ١٥/ ٨٥.
(٣) محمد بن عبد الوهاب بن سلام البصري، أبو علي الجُبَّائي، رأس الاعتزال، تنتسب له طائفة الجُبَّائية، ألَّف في التَّفسير، وغيره. مات سنة (٣٠٣). ينظر: السير ١٤/ ١٨٣، وشذرات الذهب ٤/ ١٨، ١٣٠.
(٤) بلدةٌ بين البصرة والأهواز. ينظر: معجم البلدان ٢/ ٢٥.
(٥) تبيين كذب المُفتَري ١/ ١٣٨. وينظر: مرآة الجِنان ٢/ ٢٢٦.
(٦) مجموع الفتاوى ١٣/ ٣٦١.

<<  <   >  >>