للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسيأتي الكلام على ذلك -إن شاء الله تعالى- في الآية التي تليها، وهي قوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: ٥].

قال ابنُ عباسِ -رضيَ اللهُ تعالى عنهما-: طعامُهم: ذبائُحهم (١).

* وقد أجمع العلماءُ على العملِ بهذه الآية، فأحلوا ذبائحَ أهلِ الكتاب كما أحلَّها الله تعالى، وإنما اختلفوا في بعضِ التفاصيل (٢).

* وأطلق اللهُ سبحانه حِلَّ ذبائِحِهم، ولم يقيدْهُ بذكرِ التسميةِ كما ذكرها في قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١٢١]، وقوله: {فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام: ١١٨].

وهذا أيضًا مطلَق في أهل الكتاب وغيرِهم.

فيحتمل أن يقيدَ إطلاقُه في المائدة بتقييده هناك، فلا تحل ذبائحُ أهل الكتابِ إلا إذا سمَّوا الله عليها.

ويحتمل أن يقيدَ إطلاقُه في الأنعام بتقييده هنا، ويكون المعنى: فكلوا ممَّا ذُكِر اسمُ الله عليهِ من غيرِ ذبائحِ أهل الكتاب.

فقال فريقٌ بالأول، فجعل آيةَ المائدةِ مقيدةً بآية الأنعامِ، فلا تحلُّ لنا ذبائحُ أهلِ الكتابِ إلا إذا علمْنا أنهم سَمَّوا اللهَ عليها، ذكر ذلك عنهم مَكَيُّ بنُ أبي طالب، ونسبه إلى عليٍّ وعائشةَ -رضي الله تعالى عنهما-، وهذا منه خطأٌ وغَفْلَةٌ، وإنما المرويُّ عن عليٍّ وعائشةَ وغيرِهما: أن ذبيحةَ


(١) رواه البخاري في "صحيحه" (٥/ ٢٠٩٧) تعليقًا، ورواه البيهقي موصولًا في "السنن الكبرى" (٩/ ٢٨٢)، عن ابن عباس.
(٢) كاختلافهم فيما إن ذكر عليها اسم المسيح، واختلافهم فيما إن ذبحها للكنيسة، واختلافهم في حل ذبائح نصارى العرب، وغيرها من المسائل.

<<  <  ج: ص:  >  >>