للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهبَ الشافعيُّ إلى عدمِ اشتراطِه، وله من الدليل هذه الآيةُ، وحديثُ ابنِ عمَر المتقدمُ، ونُسِبَ إلى الشافعيِّ أنه قال (١): إنما حَكَم فيهم بشريعةِ الإسلام (٢).

وذهبَ مالِكٌ وأبو حنيفةَ إلى اشتراطِ الإسلامِ (٣)، وأجابوا عن هذه الآيةِ بأنه حكمَ بشريعةِ موسى عليه الصلاةُ والسلامُ، وكان ذلك قبلَ نُزولِ الحُدود، ولهم من الدليل قولُه تعالى: {يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا} [المائدة: ٤٤]، معَ تقييدِ قوله: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: ١٥].

قالوا: وشريعَةُ مَنْ قبلَنا شريعةٌ لنا حتى يقومَ الدليلُ على تركِها.

وفي هذا الجوابِ نظرٌ من وجهين:

أحدهما: قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: ٤٨]، فجعل الحكمَ لكتابنا المُنْزَلِ على نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم - المُصَدِّقِ لما بينَ يديهِ منِ الكتاب والمهيمنِ عليه.

وثانيهما: قوله في حديث ابن عمرِ: "ما تجدونَ في التوراة في شأن الرجم؟ "، وهذا يدلُّ على أن شريعتَه قد نزَلَتْ - عليهِ الصَّلاةُ والسلام (٤) -.


(١) في "ب" زيادة: "هنا".
(٢) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١٣/ ١٩٧)، و"أسنى المطالب في شرح روض الطالب" لزكريا الأنصاري (٤/ ١٢٨).
(٣) انظر: "المبسوط" للسرخسي (٩/ ٣٩)، و"أحكام القرآن" لابن عربي (١/ ٥١٧).
وروي عن أحمد روايتان، انظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٤٣).
(٤) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>