للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لذلكَ تجَوُّزاً حتى صارَ حَقيقَةً فيه (١).

وقد كانتِ العربُ تُعَظّمُ أشياءَ في الجاهِلِيَّةِ، وتقسِمُ بها، أبطلَها الشرعُ، وبقيت العظمةُ لله جَلَّ جلالُه، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا تَخلفِوا بالطَّواغي، ولا بِآبائِكم، فَمَنْ كانَ حالِفاً، فَلْيَخلِفْ باللهِ، أو لِيَصُمْت" (٢).

* وقد اتفقَ أهلُ العلمِ على تحريمِ الحَلِفِ بالطَّواغي كاللَّاتِ والعُزَّى، فإن قصدَ تعظيمَها، فهو كافرٌ، وإن لم يقصدْ تعظيمَها، فليسَ بكافرْ (٣)، وربَّما قالَ بعضُهم بكفرِه؛ لإِطْلاقِ الأحاديثِ في ذلك، قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَلَفَ منكُم، فقالَ في حلفه: باللاّتِ والعُزَّى، فليقلْ: لا إلهَ إلا اللهُ" (٤).

* واتفقوا أيضاً على مَنْعِ الحلفِ بالآباءِ والمُلوك وغيرِهم منَ العُلماءِ والصّالحين، واختلفوا هل ذلكَ على التَّحريم، أو التَّنزيهِ؟ والخِلافُ موجودٌ عند المالكيّة والشافعيَّةِ جَميعاً (٥).


(١) انظر: "التعريفات" للجرجاني (١/ ٣٣٢)، و"لسان العرب" (١٣/ ٤٦٢) مادة (يمن).
(٢) رواه مسلم (١٦٤٨)، كتاب: الأيمان، باب: من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، عن عبد الرحمن بن سمرة، بلفظ: "لا تحلفوا بالطواغي ولا بآبائكم". ورواه البخاري (٥٧٥٧)، كتاب: الأدب، باب: من لم ير إكفار من قال ذلك متأولاً أو جاهلاً، ومسلم (١٦٤٦)، كتاب: الأيمان، باب: النهي عن الحلف بغير الله تعالى، عن عبد الله بن عمر بلفظ: "إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم، فمن كان حالفًا، فليحلف بالله، وإلا فليصمت".
(٣) انظر: "المغني" لابن قدامة (٩/ ٣٨٥)، و"شرح مسلم" للنووي (١١/ ١٠٦).
(٤) رواه البخاري (٦٢٧٤)، كتاب الأيمان والنذور، باب: لا يحلف باللات والعزى ولا بالطواغيت، ومسلم (١٦٤٧)، كتاب: الأيمان، باب: من حلف باللات والعزى فليقل: لا إله إلا الله، عن أبي هريرة.
(٥) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٤/ ٣٦٧)، و"فتح الباري" لابن حجر (١١/ ٥٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>