للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* فإن قلت: فهل يجوزُ أن يكونَ الجاني أحدَ الحَكَمَيْن؟

قلت:

يحتملُ أن يجوزَ؛ لأن الله سبحانه لم يشترطْ إلا ذَوَيْ عَدْلٌ، وهو عدلٌ.

وبهذا قال الشافعيُّ في أحدِ قولَيْه (١).

ويحتمل أَلَّا يجوزَ، وبه قالَ مالِكٌ وأبو حنيفةَ؛ لأن مضمونَ الخِطاب يَقْتَضي جانياً وحَكَمَيْنِ، والأصولُ تقضي أنه لا يجوزُ أن يَحكُمَ لِنَفْسِه (٢).

وللشافعيّ أن يقولَ: هو حاكمٌ على نفسه، لا لها، وأنه مُفْتٍ، لا حاكمٌ وقوله: {يَحْكُمُ بِهِ} [المائدة: ٩٥]، أي: يفتي بحُكْم الله تعالى فيه.

* واتفقوا على أنه لا بُدَّ من بُلوغِ الهديِ مَكَّةَ؛ لقوله تعالى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: ٩٥].

* واختلفوا في الاكتفاء بالحَرَمِ.

فأقامَهُ الشافعيُّ وأبو حنيفةَ مقامَ مَكَّة (٣).

وأباه مالكٌ؛ لتَخْصيصه بالكَعْبَةِ (٤)، واستثنى هديَ الفِنيَةِ، فأجازه بغيرِ


(١) وهو مذهب الحنابلة. انظر: "الشرح الكبير" للرافعي (٧/ ٥٠٣)، و"المغني" لابن قدامة (٣/ ٢٧٠).
(٢) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ١٩٥)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٦/ ٣١٣).
(٣) انظر: "المجموع" للنووي (٧/ ٤٠٠)، و"أحكام القرآن" للجصاص (١/ ٣٥٢).
(٤) المقصود: الذبح بمكة لا عند الكعبة والمسجد الحرام، فقد أجمعوا أنه لا يجوز الذبح في المسجد الحرام ولا في الكعبة. انظر: "الاستذكار" لابن عبد البر (٤/ ٢٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>