للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي موسى الأشعريِّ، ففتحَ الصحيفةَ، فأنكرَ أهلُ الميتِ، وخَوَّنوهما، فأراد أبو موسى أن يَسْتَحْلِفَهُما بعدَ صلاة (١) العصرِ، فقلتُ: لا يُبالون بعدَ (٢) العصرِ، ولكنِ استَحْلِفْهُما بعدَ صلاتِهما ودينهما (٣).

والحمدُ للهِ الذي هَدانا لِهذا، وما دَلَّنا على هذا التحقيقِ وسلوكِ سواءِ الطريقِ إلا الأحاديثُ المشهورةُ بسببِ هذهِ الآيةِ، ولولا الأسبابُ، ما عُرِفَتِ المُسَبَّباتُ، ولو نُقِلَتِ الأسبابُ بأحوالِها وقَرائِنِها ومقاصِدِها في واقعةٍ، ما اختلفَ فيها اثنان، إلا قليلًا.

وبعدَ كتابي هذا المَوْضِع بأربعِ سنينَ، وجدْتُ كلاما للشافعيّ في كتاب "الجزية" يرشدُ إلى مثلِ هذا (٤).

* فإن قلتم: فهل يتعينُ اللفظُ الذي ذكرهُ اللهُ تَعالى في اليمينِ كَما في اللِّعان، أو يجوزُ بغيرِه مِمّا أَدّى معناه؟

قلت: لا يتعينُ، بل يجوزُ هو وما في معناه؛ كسائر الدعاوى، ألا ترى إلى ما قدمته من الحديثِ لفظَ اليمينِ فيه مُخالِفًا لِلَفْظِ اليمينِ في القرآن؟ فهذا بخلافِ اللِّعانِ، وسيأتي عليه الكلامُ -إن شاء الله تعالى-.

* ووَقَّتَ اللهُ سبحانه ليمينِ الوَصِيَّيْنِ اللَّذين ارتيبَ منهما بعدَ الصلاةِ، وهي صلاةُ العصرِ عندَ أكثرِ أهلِ العلمِ؛ لاتفاقِ أهلِ المِلَلِ على تعظيمِها، والتغليظُ بالوقتِ مشروعٌ، قالَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "مَنْ حَلَفَ على يمينٍ كاذِبةٍ بعدَ


(١) "صلاة" ليس في "أ".
(٢) "صلاة" ليس في "أ".
(٣) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (٢/ ٢٣٥)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٧/ ١١٠)، و"تفسير ابن كثير" (٢/ ١١٤).
(٤) وانظر: "الأم" للإمام الشافعي (٦/ ١٤١)، و (٧/ ١٦ - ٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>