للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاشترَطَ فيهما ما يشترطُ في الشهود، حتى منعَ لِعانَ الأخرسِ؛ كشهادته.

ولقائلِ أن يقولَ للحنفيَّةِ: الحُرُّ العَدْلُ المسلمُ إذا قذفَ زوجتَهُ الأَمَةَ أو الكتابِيَّةَ، فلا لِعانَ عليهِ، والشهادَةُ مقبولةٌ، فإن قالوا: إنَّما لم يَجُزِ اللِّعانُ لأنه إنَّما وُضِعَ لِدَرْءِ الحَدِّ، والحُرُّ لو قذفَ عَبْداً، أو المسلمُ قذفَ كافِراً، فلا حَدَّ عليهِ، فكذلكَ لا لِعانَ عليهِ، أَبْطَلْنا قولَهم بأنَّ هذا زيادةٌ في النَّصِّ بالقِياس، والزيادةُ نسخٌ، والقياسُ لا ينسخُ الكتابَ، ولكنَّهم احتجُّوا بما رواه عَمْرو بنُ شُعَيْبٍ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرو -رضيَ اللهُ تعالى عنهما -: أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "أربعةٌ لا لِعانَ بَيْنَهُمْ وبَيْنَ أَزْواجِهِم: اليَهودِيَّةُ، والنَّصْرانِيَّةُ تَحْتَ المُسلِمِ، والحُرَّةُ تَحْتَ العَبْدِ، والأَمَةُ عندَ الحُرِّ، والنَّصْرانِيَّةُ عِنْدَ النَّصْرانِيِّ"، وفي بعضِ طرقِه: عَنْ عمرِو بنِ شعيبٍ عن أبيهِ، عن جَدِّهِ، عنِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - (١).

وردَّهُ الشافعيةُ بأن عَمْرَو بنَ شعيبِ عن عبدِ اللهِ بنِ عَمْرٍو منقطعٌ، وبأنّ روايته عن رجلٍ مجهولٍ، وهو يَزيدُ بنُ زُرَيْعٍ، ورجلٍ مشهورٍ بالغلطِ، وهو عَطاءٌ الخراسانيُّ (٢).

وأمّا هذهِ الشهادةُ فهي أيمانٌ في الحَقيقةِ، وإنْ سَمَّى اللهُ سبحانَهُ الأزواجَ شُهَداءَ؛ بدليلِ قوله تَعالى: {فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا} [المائدة: ١٠٧]، وقوله تعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ


(١) رواه ابن ماجه (٢٠٧١)، كتاب: الطلاق، باب: اللعان، والدارقطني في "سننه" (٣/ ١٦٣)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٩٦)، والديلمي في "مسند الفردوس" (١٥٠٢)، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص. ورواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٢٥٠٨)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٩٥).
(٢) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (٥/ ١٣٣)، و "السنن الكبرى" للبيهقي (٧/ ٣٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>