للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَرَسُولُ اللَّهِ} [المنافقون: ١]، ثم قال: {اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً} [المنافقون: ٢]، وقد وردَ في بعضِ ألفاظِ حديثِ هلالِ بنِ أُميَّةَ: "لولا الأَيمانُ لكانَ لي ولَها شَأْنٌ" (١).

* وجعل اللهُ سبحانَهُ شهادةَ الزوجِ لنفسِه أضعفَ من شهادةِ الشُّهداءِ، فإنه إذا شهدَ أربعةُ شهداءَ, وجبَ الحدُّ على المقذوفِ، وليسَ لَهُ دَرْؤُهُ ولا دَفْعُهُ بحالٍ، وإذا شَهِدَ الزوجُ خَمْسَ شَهاداتٍ بالله، وَجَبَ على الزوجةِ الحَدُّ، ولكنَّها يمكنُها دَرْؤُهُ بشهادتِها أيضاً، وعلى هذا أجمعَ أهلُ العلمِ.

ولكنَّهم اختلفوا فيما إذا لم يأتِ الزوجُ بأربعةِ شُهَداء، أو لَمْ يشهدْ بنفسِه خَمْسَ شهاداتٍ، بل نَكَلَ عن اليمينِ.

فقالَ الجمهورُ: يُحَدُّ كالقاذِفِ الأجنبيِّ إذا لم يأتِ بأربعةِ شُهَداءَ (٢)، فيُجمعُ بين القاذفِ الأجنبيِّ وبينَ القاذفِ سِواهُ فيما جمعَ اللهُ، ويفرَّقُ بينَهما فيما فرَّقَ اللهُ تعالى، ويدلُّ عليه أيضًا قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "البَيِّنَةَ أو حَدٌّ في ظَهْرِكَ" (٣).

وقال أبو حنيفةَ: لا يُحَدُّ، بلْ يُحْبَسُ (٤)؛ لأنه لا ذِكْرَ لِحَدِّ الزَّوْجِ في


(١) رواه أبو داود (٢٢٥٦)، كتاب: الطلاق، باب: في اللعان، والإمام أحمد في "المسند" (١/ ٢٣٨)، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده" (٢٧٤٠)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٣٩٥)، عن عبد الله بن عباس، بهذا اللفظ.
(٢) انظر: "المغني" لابن قدامة (٨/ ٤٨)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (١١/ ٨٢)، و"روضة الطالبين" للنووي (٨/ ٣٤٧)، و "مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ٣٨٠)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٨٩)، و"القوانين الفقهية" لابن جزي (ص ١٦٢).
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ١٤٧)، و"الهداية" للمرغيناني (٢/ ٢٣)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٣/ ٢٣٨)، و"شرح فتح القدير" للكمال بن الهمام (٤/ ٢٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>