للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآية، والتعرُّضُ لإيجابِه زيادةٌ في النَّصِّ، والزيادةُ في النصِّ نَسْخٌ، والنسخُ غيرُ جائزٍ بالقياسِ، ولا بأخبارِ الآحادِ.

ولقائلٍ أن يقولَ: قد ذكرَهُ اللهُ سبحانَهُ في كتابهِ، ودلَّ عليه بطريقِ التفهيم، فإنَّه لما أقامَ اللهُ سبحانَهُ شهادةَ الأزواجِ لأنفسِهم مقامَ الشهداءِ الأجانبِ، فهمْنا أنَّ عدمَ هذهِ الشهادةِ كعدمِ تلكَ الشهادةِ، وأن الحكمَ فيهما واحدٌ، وأن الله سبحانه قال: {وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ} [النور: ٨]، فدلَّ على أن هذا العذابَ قد وجبَ عليها، فكذلكَ الزوجُ إذا لم يَدْرَأْ عن نفسِه العذابَ، فقد وجبَ عليهِ.

* وكذلكَ اختلفوا في العذابِ الواجِبِ عليها إذا لم تَشْهَدْ خَمْسَ شهاداتٍ.

فقال مالكٌ والشافعيُّ وأحمدُ وجمهورُ أهلِ العلمِ: هو حَدُّ الزنى (١).

وقال أبو حنيفةَ: العذابُ هو الحبسُ حتى تُلاعِنَ (٢)، واحتجَّ لهُ بقولِه - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَحِلّ دَمُ امرئٍ مسلمٍ إلا بإحْدى ثلاثٍ: كفرٌ بعدَ إيمانٍ، أو زِنىً بعدَ إِحْصانٍ، أو قَتْلُ نَفْسِ بغيرِ حَقٍّ" (٣)، وبأن القاعدةَ المقررةَ في الشريعةِ أنَّ الأموالَ لا توجبُ بالنُّكولِ، فبطريقِ الأَوْلى لا تُسْفَكُ بِها الدماءُ، وتزهقُ بها الأرواحُ.


(١) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (١١/ ٨٠)، و"التمهيد" لابن عبد البر (١٥/ ٣٣)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ٩١)، و"القوانين الفقهية" لابن جزي (ص ١٦٢).
(٢) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٥/ ١٤٧)، و"الهداية" للمرغيناني (٢/ ٢٣)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٣/ ٢٣٨)، و"شرح فتح القدير" للكمال بن الهمام (٤/ ٢٨١).
(٣) تقدم تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>