للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنتيجةُ هذا أَنَّ ما فيهما يَجِبُ العَمَلُ به.

ولمُخالِفِهم أن يقولَ: قَدْ ظَنَّتِ الأُمَّةُ بثبوتِ جميعِ ما فيهما عَنْ رَسولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، والأُمَّةُ معصومة عن الخَطأ في ظَنِّها، فينتجُ ذلكَ أنَّ ما فيهما ثابِتٌ قَطْعاً ويَقيناً، فالظنُّ في طريقِ إفادَتِهما العِلْمَ، لا في إفادَتِهما العمل.

وهُوَ عندي مَذْهَبٌ قَوِيٌّ، ولكنَّه لا يَخْتَصُّ بالصَّحيحينِ، بلْ كلُّ حديثٍ غلبَ على ظنِّ عامَّةِ أهلِ العلمِ بالحديثِ ثبوتُه وصِحَّتُهُ، فهو كَذلكَ، واللهُ أعلمُ.

ثم المُتَّصِلُ ينقسم إلى: صَحيحٍ، وحَسَنٍ، وضعيفٍ.

فالأَوَّلانِ حُجة على ما قاما عليه، وإن تفاوتا في الصِّحَّةِ والحُسْن.

وأمَّا الضَّعيفُ، وإن تنوعتْ أنواعُه، فلا يجوزُ إقامةُ الحجةِ به (١).


(١) اختلف العلماء في الاحتجاج بالحديث الضعيف على ثلاثة مذاهب:
الأول: يعمل به مطلقاً في الحلال والحرام وغيرها، بشرط أن لا يوجد غيره، ذهب إلى هذا أحمد، وأبو داود، وغيرهما.
الثَّاني: لا يعمل به مطلقاً؛ لا في الحلال والحرام ولا في الفضائل، وقد قال بهذا القول: ابن العربي، والشهاب الخفاجي، وغيرهما.
الثالث: أنَّه يعمل به في الفضائل والترغيب والترهيب والقصص والمواعظ ونحوها بشروط:
الشرط الأول: أن لا يشتد ضعفه.
الشرط الثَّاني: أن يندرج تحت أصل معمول به.
الشرط الثالث: أن يعتقد عند العمل به الاحتياط لا ثبوته.
وهذه الشروط الثلاثة نقلها كل من السخاوي والسيوطي عن الحافظ ابن حجر.
وانظر: "علوم الحديث" لابن الصلاح (ص: ١٠٣)، و"القول البديع في الصَّلاة على الحبيب الشفيع" للسخاوي (ص: ٣٦٣)، و "تدريب الراوي" للسيوطي (١/ ٢٩٨)، و "قواعد التحديث" للقاسمي (ص: ١١٦)، و "الأجوبة الفاضلة" للكنوي (ص: ٣٦)، و "منهج النقد" للدكتور عتر (ص: ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>