للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وربَّما استدلُوا بقوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥]. فإن إتلافَهُ لنفسه أعظمُ عصيانًا من ارتكابِ أكل الميتة (١)، ولا حجّة لهم؛ فإنهُ مكلَّفٌ باجتناب ما نهى الله -سبحانه-، ويُمْكِنهُ حفظ نَفْسِه بأنْ يتوبَ ويأكلَ، وإذا لم يتبْ، فلا يمتنع أن يكونَ مكلفًا بالأمرينِ جميعًا.

وغير {غَيْرِ} تحتمل (٢) أن يكون معناها الاستثناء، فتكونُ دلالتُها نصًّا، ويحتمل أن يكونَ معناها الحالَ والصفةَ، فتكون دلالتها ظاهرة بطريق المعهود (٣).

وإذا تمَّ هذا، فجائر أن يقاسَ عليهِ جميعُ رُخَصِ السفرِ وفاقًا وخلافًا؛ لوجود المَعْنى.

* واختلف العلماء في مقدارِ ما يَحِلُّ للمضطرِّ أَكلْهُ من الميتةِ.

- فقالَ بعضُهم: مقدار ما يسدُّ رَمَقَهُ، وبهِ قالَ أبو حنيفةَ والشافعيُّ في أحدِ قوليه (٤).

- وقال بعضهم: مقدار الشِّبَع، وبه قال مالكٌ، والشافعيُّ في القول الآخر (٥).


= للقرطبي (١/ ٢/ ٢١٩)، و"الذخيرة" للقرافي (٤/ ١١٠)، و"حاشية الدسوقي" (٢/ ١٨٢).
(١) انظر وجه الاستدلال لذلك: "أحكام القرآن" للجصاص (١/ ١٥٧)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٢١٩).
(٢) في "ب": "محتمل".
(٣) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢١٧).
(٤) وهو قول الحنابلة أيضًا؛ انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (١/ ١٦٠)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٨٢)، و"المجموع" للنووي (٩/ ٤٤)، و"المغني" لابن قدامة (١٣/ ٣٣٠).
(٥) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٨٢)، و"الذخيرة" للقرافي (٤/ ١٠٩) و"المجموع" للنووي (٩/ ٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>