للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تأخيرهِ، فقال: "لا تزالُ أمتي بخيرٍ ما عَجَّلُوا الفِطْرَ (١) وأخَّروا السّحورَ" (٢).

* وفي هذه الآية دليل على جواز الصوم لمن أصبح جنبًا، ووجه الدلالة من طريق الإشارة والاستلزام، وذلك أن الله -تباركَ وتعالى- أباحَ الجِماع إلى أن يتبين الخيطُ الأبيض من الخيطِ الأسود، ومعلوم أن من جامعَ قبلَ الفجرِ بلحظةٍ أنه لا يُدرِكُ فيها الاغتسال، وإنما يقعُ غسلُه بعدَ الفجر.

وقد روى ذلكَ من فعلِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائشةُ وأمُّ سلمةَ -رضي الله تعالى عنهما (٣) - وبذلك قال أكثرُ العلماء، واتفق عليه الفقهاءُ حتى صار إجماعًا، أو كالإجماعِ (٤).


= حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الوصال، فقال رجل من المسلمين: فإنك يا رسول الله تواصل! قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "وأيكم مثلي، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني"، فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال، واصل بهم يومًا ثم يومًا، ثم رأوا الهلال فقال: "لو تأخر الهلال لزدتكم"؛ كالمنكِّل لهم حين أبوا أن ينتهوا.
وفي الباب عن غير واحد من الصحابة رضي الله عنهم أجمعين.
(١) في "ب": "بالفطر".
(٢) رواه البخاري (١٨٥٦)، كتاب: الصوم، باب: تعجيل الإفطار، ومسلم (١٠٩٨)، كتاب: الصيام، باب: فضل السحور وتأكيد استحبابه ... ، عن سهل بن سعد بلفظ: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر". وقد رواه الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ١٤٧) عن أبي ذر، باللفظ الذي ذكره المؤلف.
(٣) رواه البخاري (١٨٢٥)، كتاب: الصوم، باب: الصائم يصبح جنبًا، ومسلم (١١٠٩)، كتاب: الصيام، باب: صحة صوم من طلع عليه الفجر وهو جنب. عن أبي بكر بن عبد الرحمن.
(٤) انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ١٣٤)، و "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١/ ٢/ ٢٠٣)، و"المغني" لابن قدامة (٤/ ٣٩١)، و"شرح مسلم" للنووي (٧/ ٢٢٢)، و"فتح الباري" لابن حجر (٤/ ١٨٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>