للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

روينا في "الصحيحين": أن امرأة رِفاعة القُرَظِيِّ جاءت إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: كُنْتُ عند رفاعةَ القرظيِّ، فطلَّقني فبتَّ طلاقي، فتزرجتُ بعده عبدَ الرحمنِ بنَ الزَّبيرِ، وإنما معه مثل هُدْبَةِ الثوبِ (١)، فتبسم النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -، وقال: "أتريدين أن ترجعي إلى رفاعة؟ لا، حتَّى تذوقي عُسَيْلَتَهُ ويذوقَ عُسَيْلَتَكِ" (٢).

وبهذا قال عامة أهل العلم (٣)، إلَّا سعيدَ بنَ المسيِّب؛ فإنه حُكي عنه أنَّه قال: تحل لزوجها بنفسِ العقد، ولعلَّ الحديثَ لم يبلغ سعيدًا (٤).

والمرادُ بالعُسيلة حصولُ اللذة بالتقاء الخِتانين عندَ عامةِ أهلِ العلم، إلا الحسن البَصْري، فإنه اشترطَ الإنزال (٥)، وأطلق العُسيلة على النطفة (٦).


(١) هُدْبَةِ الثوبِ، وكذلك هُدْبُه وهُدَّابُه: طرف الثوب مما يلي طُرَّته. وفي قولها (إن ما معه مثل هُدْبة الثوب)، أرادت مَتاعَه، وأنه رِخْوٌ مثل طرف الثوب، لا يغني عنها شيئًا. "اللسان" (مادة: هدب) (١/ ٧٨٠).
(٢) تقدم تخريجه.
(٣) انظر: "تفسير الطبري" (٢/ ٤٧٥)، و"التمهيد" (١٣/ ٢٣٠)، و"الاستذكار" كلاهما لابن عبد البر (١٦/ ١٥٦)، و"الحاوي" للماوردي (١٠/ ٣٢٧)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ١/ ١٣٦).
(٤) وهو قول سعيد بن جبير. انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٣/ ٢٣٠)، و"الحاوي" للماوردي (١٠/ ٣٢٦)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ١/ ١٣٦)، و"فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٥٨٣).
(٥) انظر: "التمهيد" لابن عبد البر (١٣/ ٢٣٠)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ١/ ١٣٦).
(٦) العسيلة في هذا الحديث: كناية عن حلاوة الجماع الَّذي يكون بتغييب الحشفة في فرج المرأة، ولا يكون ذواق العسيلتين معًا إلا بالتغييب، وإن لم ينزلا، ولذلك اشترط عسيلتهما، وأنث العسيلة؛ لأنه شبهها بقطعة من العسل، فشبه لذة الجماع بذوق العسل، فاستعار لها ذوقًا، وقالوا لكل ما استحلوا: عسل =

<<  <  ج: ص:  >  >>