للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا التأويلُ أرجحُ؛ لكون ابن عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما- أعلمَ بالقرآنِ وتأويلِه، ولكونِ الأمِّ وارِثَه، ولا يجبُ لها على نفسها شيءٌ من النفقةِ والكِسْوَةِ في مقابلة رَضاعِهِ، ولأن وجوبَ النفقة والكِسوةِ خاصٌّ بالزوج الَّذي هو أبو المولود، والوارثُ لا يجبُ عليه نفقةٌ ولا كِسوةٌ، وإنما يجب عليه الأجرةُ، وهي لا تقدَّرُ بالنفقة والكِسوة.

- وذهب قومٌ إلى التأويل:

فقالَ بعضُهم: الوارثُ هو الطفلُ، عليه نفقتهُ ونفقةُ الوالِدَيْنِ الفقيرينِ (١)، واختار هذا محمدُ بن جَريرٍ الطَّبَرِيُّ (٢).

وقال بعضهم: هو وارثُ الوِلايةِ على الطفلِ، تكون نفقةُ الوالدةِ من ما المولود (٣).

وهذان التأويلان ضعيفان.

الجملة السادسة: قوله تعالى: {فَإِنْ أَرَادَا فِصَالًا عَنْ تَرَاضٍ مِنْهُمَا وَتَشَاوُرٍ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا} [البقرة: ٢٣٣].

* أباح الله سبحانه للوالدين فِصالَ المولود قبل الحَوْلين، إذا أطاقَ، بعدَ التشاور من الوالدين، والتراضي منهما.

ومفهوم هذا الخطاب يقتضي أن الوالدة، إذا فصلَتْ ولدَها من غير


(١) وهو قول الضحاك وقبيصة بن ذؤيب وبشر بن نصر قاضي عمر بن عبد العزيز. انظر: "تفسير الطبري" (٢/ ٥٠٢)، و"الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٦٨)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (١/ ٢٤٢)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٢/ ١/ ١٥٤).
(٢) انظر: "تفسير الطبري" (٢/ ٥٠٥).
(٣) حكى هذا القول: مكي في "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" (ص: ٨٠) دون نسبته لأحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>