للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قلتم: هذه الآيةُ خاصَّةٌ بالمطلَّقات؛ لأن سياقَ الخطابِ في المطلقات.

قلنا: قد قدمتُ في مقدمةِ كتابي هذا: أن المختارَ عندَ أكثرِ الأصوليين ألَّا يُخَصَّ آخرُ الآية بأولها (١)، وينبغي للمجتهد في مثل هذا المقام أن يفزع إلى الأدلة، ولا يقدم أحد العمومين؛ إذ لم يمكن الجمع بينهما إلا بدليل.

وقد اختلف أهل العلم في هذا:

فقال بعضُهم (٢): ذكر الله سبحانه في المطلقات: أن عدة الحوامل أن يضعن حملَهن، وذكر في المتوفَّى عنهنَّ أربعةَ أشهرٍ وعَشْرًا، فعلى الحامل المتوفَّى عنها أن تعتد أربعةَ أشهرٍ وعشرًا، وأن تضعَ حملَها؛ حتَّى تأتيَ بالعدَّتين معًا؛ إذ لم يكن انقضاء العدة بوضع الحمل نصًّا إلا في الطلاق.

قال الشافعي - رحمه الله تعالى -: وكأنه يذهب إلى أن وضع الحمل براءة، وأن الأربعة الأشهر والعشر تَعَبُّدٌ؛ كما أن المتوفَّى عنها تكون غيرَ مدخولٍ بها، فتأتي بأربعة أشهر وعشر، ولأنه وجبَ عليها شيء من جهتين، فلا يسقط بإحداهما؛ كما لو وجب عليها حقان لرجلين، لم يُسْقِط أحدُهما حقَّ الآخر، وكما (٣) إذا نكحت في عدتها، وأُصيبت، اعتدَّتْ من الأول، ثم تعتدُّ من الثاني (٤).


(١) قلت: لعل هذا سهو من المؤلف؛ لأنه لا يوجد عندنا عام وخاص. وإنما هما عامَّان آية البقرة وآية الطلاق، وليس عندنا آية واحدة أولها خاص وآخرها عام، بل عندنا آيتان في سورتين مختلفتين.
(٢) في "الرسالة" للإمام الشافعي (ص: ٥٧٣): "قال بعض أصحاب رسول الله".
(٣) في "ب": "وكذا".
(٤) انظر: "الرسالة" للإمام الشافعي (ص: ٥٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>