للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بعتُهُ، فقال (١) النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "أَوَليسَ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ؟ "، فقال الأعرابي: لا واللهِ ما بعتُكهُ، فقال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: "بَلْ قَدِ ابْتَعْتُهُ مِنْكَ"، فطفق الأعرابيُّ يقول: هَلُمَّ شهيدًا، فقال خُزَيْمَةُ: أنا أشهد أنكَ قد بايعته، فأقبل النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - على خزيمةَ وقال: "بمَ تَشْهَدُ؟ " فقال: بتصديقك يا رسول الله! فجعلَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - شهادةَ خُزَيْمَةَ شهادَةَ رجلين (٢).

فلو كان الإشهادُ واجبًا، لما بايع رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - من غيرِ شهود، ولَبَيَّنَ ذلك بفعله.

* ثم كرر اللهُ سبحانه الأمرَ بالكتابة، ونهى الكاتبَ عن الامتناع من أن يكتبَ كما علَّمه الله، فقال: {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ}.

ولا يخفى أن القيامَ بالكتابة للصُّكوك وحفظ الحقوق فرضٌ على الكفاية؛ كالقيام بالشهادة (٣)، وقد جعلها الله سبحانه قرينةً للشهادة، وإن


(١) في "ب": "فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال".
(٢) رواه أبو داود (٣٦٠٧)، كتاب: الأقضية، باب: إذا علم الحاكم صدق الشاهد الواحد يجوز له أن يحكم به، والنسائي (٤٦٤٧)، كتاب: البيوع، باب: التسهيل في ترك الإشهاد على البيع، والإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٢١٥)، وابن سعد في "الطبقات" (٤/ ٣٧٨)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" (٤/ ١٤٦)، والبيهقي في "السنن الكبرى" (٧/ ٦٦)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (١٦/ ٣٦٧).
(٣) اختلف العلماء في حكم الكتابة على الكاتب على أقوال:

١ - هي فرض على الكفاية، كالجهاد والصلاة على الجنائز. قاله الشعبي.

٢ - فرض على الكاتب في حال فراغه. وهو قول السدي وبعض أهل الكوفة.

٣ - واجبة عليه. قاله عطاء ومجاهد. ونسب إليهما ابن العربي القول بالندبية.

٤ - ذلك منسوخ بقوله تعالى: {وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ}. قاله الضحاك.
انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٣٢٩)، و"معالم التنزيل" للبغوي =

<<  <  ج: ص:  >  >>