للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأن القيامَ على مال اليتيم فرضُ كفايةٍ لإصلاح حاله، وفرضُ الكفاية لا يجوزُ أخذ الرزق عليه إلا للفقير دون الغني؛ كولاية القضاء (١).

* إذا تمَّ هذا، فقد انقسم العلماء في هذه الآية على ضربين:

فقال بعضهم: هي منسوخةٌ بقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} [النساء: ١٠]، ويروى عن ابن عباسٍ وزيدِ بنِ أسلم (٢).

وهذا ضعيفٌ باطلٌ لا يصحُّ عنهما؛ فإن الله سبحانه حرم أكلَ أموالِهم بالظلم، وأباحه (٣) بغير الظلم، والمعروفُ غيرُ الظلمِ؛ لأنه في مقابلة عمله، فلا تعارض بينهما، فلا نسخ.

وقال جمهورهم: هي محكمةٌ (٤).


= ومسلم (٣٠١٩)، في أوائل كتاب: التفسير.
(١) فقد ذهب المالكية والشافعية إلى أنه إذا تعين عليه القضاء وعنده ما يكفيه: لا يجوز له أخذ أجرة على القضاء، فإن كان محتاجًا لا يكفيه ما يملكه: جاز له أن يأخذ عليه قدر كفايته.
أما الحنفية فقالوا: إن كان محتاجًا جاز له الأخذ، وإن كان غنيًا فقد اختلفوا فيه: فقال بعضهم: لا يحل له أن يأخذ؛ لأن الأخذ للحاجة، ولا حاجة هنا، وقال بعضهم: له الأخذ وهو الأفضل.
وذهب الحنابلة إلى أنه يحل له الأخذ، سواء كان غنيًا أم فقيرًا.
انظر: "المغني" لابن قدامة (١٤/ ٩)، و"بدائع الصنائع" للكاساني (٥/ ٤٥٦)، و"روضة الطالبين" للنووي (١١/ ١٣٧)، و"أدب القضاء" لابن أبي الدم (ص: ١٠١)، و"تبصرة الحكام" لابن فرحون (١/ ٣٣).
(٢) انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٨٩)، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: ٢٥٨)، و"نواسخ القرآن" (ص: ٢٥١)، و"زاد المسير" كلاهما لابن الجوزي (٢/ ٨٧).
(٣) في "ب": "وأباحها".
(٤) انظر: "الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٨٩)، و"الإيضاح لناسخ القرآن =

<<  <  ج: ص:  >  >>