للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنهي يقتضي التحريمَ والفسادَ على قولِ أكثرِ الأصوليين، ولأنه - صلى الله عليه وسلم - لما بلغ الثلث، وأجازه مع استكثاره له وكراهته الوصية به، ومحبته لِما هو دونه؛ حيث قال: "الثلثُ، والثلثُ كثيرٌ، إنك أن تذرَ ورثتكَ أغنياءَ خيرٌ من أن تذرهم (١) عالَه يتكففُونَ الناسَ"، دلَّ ذلك على أنه محلُّ الجَواز، وأن ما فوقه غيرُ مَحَل للجواز، ولأنه روي عن ابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهما-: أن الخطابَ واردٌ مع الموصي أيضًا.

فإن قلتم: هذا الحكمُ قيده الله سبحانه بوصفين، فما الحكمُ لو لم يترك ذريةً (٢)، أو ترك ذريةً بالِغينَ غيرَ ضعفاءَ؟

فالجواب:

* أنه اختلفَ أهلُ العلم فيما إذا لم يتركْ ورثةً:

فمنعه مالكٌ، والشافعيُّ، وأهلُ المدينة، والأوزاعيُّ، وأحمدُ في أحد قوليه (٣).

وجوّزَه أبو حنيفةَ، وإسحاقُ، وأحمدُ في قوله الآخر (٤).


(١) في "ب": "تدعهم".
(٢) في "ب": "ورثة".
(٣) وهو قول جمهور أهل العلم، وإليه ذهب جماعة فقهاء الأمصار. انظر: "التمهيد" (٨/ ٣٨٠)، و"الاستذكار" كلاهما لابن عبد البر (٢٣/ ٣٣)، و"المغني" لابن قدامة (٨/ ٥١٦)، و"التفريع" لابن الجلاب (٢/ ٣٢٤)، و"روضة الطالبين" للنووي (٦/ ١٠٨)، و "فتح الباري" لابن حجر (٥/ ٤٦٤).
(٤) وقال به غير واحد من الصحابة والتابعين. انظر: "التمهيد" (٨/ ٣٨١)، و"الاستذكار" (٢٣/ ٣٢)، و "المغني" لابن قدامة (٨/ ٥١٦)، و "رد المحتار" لابن عابدين (١٠/ ٢٨١).
وهذا القول هو المذهب عند الحنابلة. انظر: "الإنصاف" للمرداوي (٧/ ١٩٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>