للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما زاد على اثنتين من غيرِ تقديم وتأخير، وأن حكم الثنتين (١) مأخوذٌ من فَحوى الخطاب، لا من نصِّ الخطاب، فذكر (٢) الله سبحانه أن فرضَ البنتِ الواحدة النصفُ، وذكر أن فرض البنات اللاتي هن فوق الاثنتين الثلثانِ، وأكد جَمْعَ النساء بقوله: {فَوْقَ اثْنَتَيْنِ}؛ لئلا يَظُنَّ ظانٌّ أن المرادَ بالجمعِ اثنتان فقط، فيتوهم أن للثلاثِ والأربعِ وما زادَ كلَّ المال؛ لكونهم زادوا على ضعف الواحدة، ولقوة البنوة، ولهذا قدَّمه في الذِّكر على الواحدة، اهتمامًا به، ولم يقصد به مخالفةَ حكمِ الثلاثِ حكمَ الاثنتين في مقدار النصيب، بل حكمُ اثنتين ملحقٌ بحكمِ الثلاثِ؛ لمفهوم قوله: {وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ}؛ فإنَّه يدلُّ على أن الاثنتين لهما أكثرُ من النصف، فألحقنا الاثنتين بالثلاث؛ كالأخوات، بل البنتين (٣) أولى بأخذ الثلثين من الأختين، ولأن إلحاقَ البنتينِ (٤) بالثلاثِ أولى من إلحاقهما بالواحدة؛ لمشاركتهما في وقوع الجمع عليهما، إما مجازًا، وإما حقيقة كالثلث.

وهذا أحسنُ جوابٍ؛ لما فيه من إبقاء الألفاظ على حقائقها، والسلامةِ من الوقوع في المجاز من غير ضرورة، ولما فيه من العمل بالمفهوم المعضود بالقياس، ولا شك أنَه خيرٌ من المجاز في الاستعمال، وأقوى في الاستدلال.

وظنِّي أن هذا النقلَ عن ابن عباسٍ غيرُ صحيحٍ (٥)؛ فإنّ لا يُظَنُّ به أن


(١) في "ب ": "البنتين".
(٢) في "أ": "وذكر".
(٣) في "أ": "البنتان".
(٤) في "ب": "الثنتين".
(٥) قال ابن عبد البر "الاستذكار" (٥/ ٣٢٣): وهذه الرواية منكرة عند أهل العلم قاطبة، كلهم ينكرها ويدفعها بما رواه ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بيع مسعود، عن ابن عباس: أنه جعل للبنتين الثلثين، انتهى. =

<<  <  ج: ص:  >  >>