للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولهذا قال رجل للشعبيِّ لَمّا سأله عن رجل ماتَ وخلَّفَ بِنْتًا وأبًا، فقالَ: للابنةِ النصفُ، والباقي للأب: أصبتَ المعنى، وأخطأتَ العبارةَ، قل: للأبِ السدسُ، وللابنةِ النصفُ، والباقي للأب (١).

فإن قلتم: فهذا يؤدي إلى أن الأب لا يأخذ مِثْلَيْ ما تأخذ الأمُّ فيما إذا تركَ زوجةً وأَبَوَيْنِ، بل يؤدِّي إلى أنها تأخذُ أكثر من الأبِ فيما إذا تركتْ زوجًا وأبوين (٢)، وجميعُ ذلك مخالفٌ لقياسِ الأصول.

والجوابُ (٣) أن هذا سؤال قويٌّ ظاهرٌ، وقد أخذ به ابنُ عباس، فجعل (٤) في الأولى للزوجة الربع، وللأم الثلث من رأس المال؛ لأنهن ذواتُ الفرض، وللأب ما بقي؛ لأنه ذو تعصيب، وجعل في الثانية للزوجِ النصف، وللأمِّ الثلث من رأس المال، وللأب ما بقي (٥)، وتابعه شريحٌ القاضي، وداودُ، وابنُ شُبْرُمَةَ، وجماعةٌ، واختاره ابنُ اللَّبّان.

والذي عليه جمهورُ الصحابةِ وسائرُ الفقهاء أن للأمِّ ثُلُثَ الباقي بعدَ فرضِ الزوجِ والزوجة بالفرض، والثلثان للأب بالتعصيب؛ لشهادة الأصول


(١) ذكرها ابن مفلح في "المبدع" (٦/ ١١٩)، والبهوتي في "كشاف القناع" (٤/ ٤٠٧).
(٢) وهاتان الفريضتان تسمَّى بـ "الغراوان" وهما:

١ - امرأة تركت زوجها وأبويها.

٢ - ورجل ترك امرأته وأبويه.
وإنما قيل لهما "الغراوان"؛ لأن الأم غرت بإعطائها الثلث لفظًا لا حقيقة.
انظر: "شرح آيات الوصية" للسهيلي (ص: ٥٨)، و"شرح الزرقاني على الموطأ" (٣/ ١٣٧).
(٣) في "ب": "فالجواب".
(٤) في "أ": "جعل".
(٥) رواه عبد الرزاق في "المصنف" (١٩٠١٨)، والدارمي في "سننه" (٢٨٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>