للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأم بالأخوات، إلا أن يكون معهنَّ أخ؛ لتغليب العربِ المذكرَ على المؤنث (١).

* وبيَّن الله سبحانه أنه لا يرثُ ولا يورث إلَّا من كانَ موافقًا في الدين، ولم يكنْ عبدًا، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} (٢) [الأنفال: ٧٣].

وروى أسامةُ بنُ زيدٍ: أَنَّ النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا يَرِثُ الكافِرُ المُسْلِمَ، ولا المُسْلِمُ الكافِرَ" (٣)، وقال تعالى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: ٧٥]، ولأن توريثه يؤدي إلى توريثِ الأجنبي؛ لأنَّ السيدَ يملك العبدَ واكتسابَه، والأجنبيّ لا يرثُ مَنْ لا نسبَ بينَه وبينَه، ولا زوجية، وقد يكونُ الأجنبيُّ مالكُ العبدِ قاتلًا، فيؤدي إلى توريث القاتل، وقد قطعَ اللهُ الموالاة بينهما، فقال تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣]، فجعل وليَّ المقتول غيرَ القاتل (٤).


(١) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ٧٣).
(٢) قلت: لم يبيِّن المؤلف -رحمه الله- من أين أخذ عدم توريث إلا من كان موافقًا في الدين في هذه الآية. قلت: وقد بيَّن ابن المنذر في "الإشراف على مذاهب العلماء" (٤/ ٣٥٤) في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} الآية، قال: فكان الذي يجب على ظاهر هذه الآية: أن يكون الميراث لجميع الأولاد المؤمن منهم والكافر، فلما ثبت عن رسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم" علم أن الله أراد بعض الأولاد دون بعض، فلا يرث لمسلم الكافر، ولا الكافر المسلم على ظاهر الحديث.
(٣) رواه البخاري (٦٣٨٣)، كتاب: الفرائض، باب: لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم، ومسلم (١٦١٤)، في أول كتاب: الفرائض.
(٤) وهذا مذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وذهبت طائفة إلى توريث المسلم من الكافر، وهو مذهب معاذ بن جبل ومعاوية وابن المسيّب ومسروق وغيرهم، وروي أيضًا عن أبي الدرداء والشعبي والزهري والنخعي=

<<  <  ج: ص:  >  >>