للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإناثِ، وهو قوله تعالى: {وَاللَّاتِي يَأْتِينَ} على الذكور؛ إذ لا يُعرف في اللسان أن جمعَ الإناثِ يتناولُ الذكورَ، لا منفردينَ ولا مجتمعين مع الإناث، نعم يجوزُ في لغةٍ شاذةٍ إطلاقُ جمعِ المؤنثِ على جمع (١) المذكر مَجازًا في جمع الموصولِ خاصَّة؛ كقولِ الشاعر: [البحر الوافر]

فَما آباؤُنا بأمنَّ مِنْهُ ... عَلَينا اللائي قَدْ مَهَدُوا الحُجُورَا (٢)

ولا يجوزُ تنزيلُ قولهم على هذا؛ لأن القرآن لم يردّ باللغة الشاذة، ولو لم تكن شاذةً، لَمّا جازَ؛ لقولهِ تعالى: {يَأْتِينَ}، ولو كانَ المرادُ به اللغة المذكورة لقال: يأتون؛ كقوله: مهدوا الحُجورا، وللتقييد بالنساء؛ كقوله تعالى: {مِنْ نِسَائِكُمْ}، فليس على تخصيصهم إحدى الآيتين بإحدى الصفتين دليلٌ، وإنما هو تحكُّمٌ باطل.

* ثم اختلف أهلُ العلم:

- فقال بعضهم: هذه الآيةُ منسوخةٌ بآية الجَلْد (٣) (٤)؛ بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم -: "قد جعلَ اللهُ لهنَّ سبيلًا"، وأضاف البيانَ إلى اللهِ تعالى.

- وقال بعضُهم (٥): ليست منسوخةً؛ لأن الله سبحانه علقَ البيانَ بوقتٍ،


(١) "جمع" ليست في "أ".
(٢) البيت لرجل من بني أسلم. انظر: "شرح ابن عقيل" (١/ ١٤٥). وانظر الكلام فيه على جواز إطلاق جمع المؤنث على المذكر.
(٣) في قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ ...} الآية: [النور: ٢].
(٤) انظر: "تفسير الطبري" (٤/ ٢٩٧)، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: ٢١٤)، و"الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٣٠٩)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ٤٤)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (٢/ ٣٦)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٢/ ٢٢).
(٥) هو مكي بن أبي طالب في "الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" (ص: ٢١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>