للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧٠ - (١١) قوله تعالى: {وَاللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنْكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِنْ تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُوا عَنْهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: ١٦].

* قد بينتُ أن هذه الآيةَ مختصةٌ بالذكور، وأن الآيةَ الأولى خاصَّةٌ بالإناث عامَّةَّ فَي أنواعهن، ثم كذلك هذه عامَّةٌ في أنواعِ الذكورِ من الِبْكرين والثَّيبين (١)، وإنما قلت هذا؛ لأن الله سبحانه ذكرَ الإناثَ بلفظ يخصُّهُنَّ، وذكر الذكورَ بلفظٍ يخصُّهم، وقيدَ لفظَ الإناثِ بقوله: {مِنْ نِسَائِكُمْ} [النساء: ١٥]، وقيدَ لفظَ الذكور بقوله: {مِنْكُمْ} [النساء: ١٦]، ففي التقييد دلالتان: التقييد بالنساء، والتقييد بكونهن من نساء المؤمنين.

* ثم أمر اللهُ -سبحانه- بإيذاء الذَّكَرَيْنِ إذا زنيا، والإيذاءُ أمر مُجْمَلٌ لا يُعرفُ المُرادُ منه، فيجوز أن يُرادَ به التوبيخُ والضربُ (٢)، فبين هذا المجملَ مع بيان السبيلِ الذي وعدَ به اللهُ سبحانه النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - بقوله: "خُذوا عَنِّي، [خُذُوا عَنِّي"، الحديث.

فآيةُ الجلد مبينةٌ لجنسِ الإيذاءِ في حقِّ البِكْرِ، وآيةُ الرجمِ ناسخةٌ للأذى


(١) انظر: "تفسير الطبري" (٤/ ٢٩٥)، و"الناسخ والمنسوخ" للنحاس (ص: ٣٠٧)، و"الإيضاح لناسخ القرآن ومنسوخه" لمكي (ص: ٢١٥)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ٤٢)، و"المحرر الوجيز" لابن عطية (٢/ ٢٢).
وانظر: "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ٨٦).
(٢) فيه قولان:
أحدهما: أن المراد: الأذى بالكلام والتعيير. روي عن ابن عباس، وبه قال: قتادة والسدي والضحاك ومقاتل.
والثاني: أنه التعيير والضرب بالنعال. وروي عن ابن عباس أيضًا.
انظر: "تفسير الطبري" (٤/ ٢٩٦)، و"زاد المسير" لابن الجوزي (٢/ ٣٥)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ٤٢)، و"الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (٥/ ٨٦)، و"تفسير ابن كثير" (١/ ٤٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>