للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو حنيفةَ: يجوز نكاحُ الأمةِ الكتابيةِ (١)؛ لأن دليلَ الخطابِ (٢) عنده ليسَ بحجَّة، فلا يعارضُ عمومَ قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [المائدة: ٥] إذا فسِّرَ الإحصانُ بالعِفَّةِ (٣)، وإن فُسِّرَ بالحرية؛ كما هو قولُ عمرَ وابنِ عباسٍ -رضي الله تعالى عنهم (٤) -، فقياسُ الأمةِ على الحرة عنده إما أنه مقدَّم، على مفهوم الخطاب، وإما أن يجاب على التقييد بأجوبة تقدمَتْ عند قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [البقرة: ٢٢١].

* ومفهومُ تقييد المُحْصَنات بالمؤمناتِ يقتضي أيضاً (٥) أنه لو قَدَرَ على


= (٥/ ٤٩٣)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ١١٦)، و"الإشراف على مذاهب العلماء" لابن المنذر (٥/ ١٣١).
(١) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (٣/ ١١٧)، و"المبسوط" للسرخسي (٥/ ١١٠).
(٢) دليل الخطاب: ويسمى مفهوم المخالفة وهو: إثبات نقيض حكم المنطوق به للمسكوت عنه. واحتج به مالك والشافعية ولم يحتج به أبو حنيفة. انظر: "الإحكام" للآمدي (٣/ ٧٨)، و"الذخيرة" للقرافي (١/ ٦٣، ١٠٢).
(٣) أي أن مفهوم المخالفة -دليل الخطاب- من قوله تعالى: {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} أن غير المؤمنة لا يجوز نكاحها، لكن هذا المفهوم يخالف عموم قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}.
ورد هذا القول ابن العربي.
انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٣٤)، و"أحكام القرآن" للجصاص (٢/ ٣٤٩)، و"أحكام القرآن" لابن العربي (١/ ٥٠٥).
(٤) انظر: "تفسير الطبري" (٥/ ١٧)، (٦/ ١٠٤)، و"تفسير ابن أبي حاتم" (٨/ ٢٥٢٨)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (٧/ ١٧٣).
(٥) "أيضاً" ليس في "ب".

<<  <  ج: ص:  >  >>