للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

* فأمر الله سبحانه الوُلاة عندَ العلم بالشِّقاق بينهما، وإشكالِ الظالمِ منهما بأن يبعثوا حَكَماً من أهله، وحَكَماً من أهلها، ليطَّلعا على باطنِ أحوالهما، وحقيقةِ أمرِ هما، فيحكما بينهما.

* والتقييدُ بكونهما من أهلهما يقتضي أنه لا يجوزُ أن يكونا من غير أهلِهما، وهو كذلك عند المالكية (١)، حتى ادَّعى بعضهم أنه إجماعٌ، إلا ألاّ يكونَ في أهلِهما من يصلُحُ لذلك، فيرسل من غيرِهما (٢).

ودعوى الإجماع ممنوعة، فذلك مستحبٌّ غيرُ واجبٍ عند الشافعية (٣).

* وأجمع العلماءُ على أن قولَهما في الإصلاح نافِذٌ، وإن كانَ بغيرِ توكيلٍ من الزوجين؛ لقوله تعالى: {إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا} [النساء: ٣٥] فقرنَ الله سبحانه بينهما في الإرادة، ولهذا أجمعوا على أنه لا ينفذُ قولُهما إن اختلفا (٤).

* واختلفوا في الحَكَمين إذا أرادا التفريق:

فأخذَ مالكٌ بظاهرِ الآية، وجعل إلى الحَكَمَين التفريقَ بغير رضا الزوجين، إن رأياه، فيبذلُ الذي من أهلها العِوضَ، ويطلِّقُ الذي من أهله،


(١) انظر: "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٧٤).
(٢) وممن ادعى الإجماع على أن الحكمين لا يكونا إلا من جهة الزوجين ابن عبد البر، وابن بطال وابن رشد. انظر: "شرح البخاري" لابن بطال (٧/ ٤٢٥)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٨٣)، و "فتح الباري" لابن حجر (٩/ ٤٠٣)، "بداية المجتهد" لابن رشد (٢/ ٧٤).
(٣) انظر: "أسنى المطالب" لزكريا الأنصاري (٣/ ٢٤٠)، و"مغني المحتاج" للشربيني (٣/ ٢٦١).
(٤) انظر: "شرح البخاري" لابن بطال (٧/ ٤٢٥)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (٦/ ١٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>