من الكتاب كما تقدم في النقد العاشر من هذه المجموعة من قول المصريين (نسيت أنا الآخر) أو (غاب هو الآخر) فهي عامية مصرية أيضا. والمصريون لهم فضل وتقدم في الأدب العربي وغيره من العلوم فلا ينبغي لأحد أن يستنكف من الاقتداء بهم في صوابهم ولكنهم، مع ذلك كغيرهم، غير معصومين من الخطأ فلا يجوز تقليدهم تقليد الأعمى بل يجب على الكاتب أن يكون بصيرا بما يكتب، وبما يتكلم به، ويقرأه ويجعل الحكم للدليل.
٢ - ويقولون مثلا في منتصف شوال أو مارس القادم يريدون الشهر الآتي والشهر لا يوصف بالقدوم إلا على سبيل التشبيه بالمسافر والتشبيه لا يحسن في كل موضع وقد صار ديدن الكتاب ألا يقولوا في الغالب إلا العام القادم وذلك تعبير يشين وجه اللغة العربية وأظنهم أخذوه من اللغة الإنكليزية لأنها لضيقها، ليس لها ألفاظ بإزاء كل معنى من المعاني فليس لها إلا لفظ واحد تستعمله لكل آت والقراء الذين يعرفون الإنكليزية يفهمون هذا حق الفهم، وليس عندي الآن من يكتبه بالإنكليزية إذا أمليته عليه فلذلك تركته واكتفيت بالإشارة (وكل لبيب بالإشارة يفهم) الدليل على ما قلته قال الفيروز أبادي في القاموس المحيط ما نصه: وقدم من سفره: كعلم، قدوما وقدماناً بالكسر: آب فهو قادم، ومنه نعلم أن القدوم لا يستحسن استعماله للعام والسنة والشهر، بل يقال الشهر الآتي والسنة القابلة والعام القابل، ولو استغنيت بالوصف فقلت مثلا لم أستطع أن أزورك في هذا العام وسأزورك في القابل إن شاء الله، لجاز ذلك وكان فصيحا أما الشهر فيقال فيه الآتي وأما قوله سبحانه وتعالى في سورة هود رقم (٩٨) حكاية عن فرعون {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} فهو من قدم (بفتح الدال) في الماضي وضمها في المضارع بمعنى يتقدمهم يسير أمامهم إلى جهنم حتى