يعني الأحبة كانوا هناك فيما مضى من الزمان واليوم لا يوجدون. وخير ما يحتج به في هذا المقام قول الله تعالى المتقدم ذكره في سورة يونس:{فَجَعَلْنَاهَا حَصِيدًا كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ} ولا يصح بوجه أن يراد به كأن لم تكن قبل يوم واحد كما رأيت نصوص الأئمة في ذلك إذا تقرر هذا فاعلم أن صاحب لسان العرب وصاحب القاموس ذكرا كلاما مفصلا في أحكام (أمس) اللفظية ولم يحققا معناه إذا كان بالألف واللام وإذا كان بدونها وإذا أريد بأمس يوم من الأيام الماضية فإنه يعرب وينون تقول لم يقع ذلك في أي أمس من الأموس أي لم يقع هذا الأمر في أي يوم من الأيام الماضية ومن ذلك تعلم أن أمس إذا كان نكرة يجمع على أموس في جمع الكثرة وأمُس، بضم الميم، كفلس وأفلس في جمع القلة ويظهر لي أن أداة التعريف تدخل على أمس النكرة ولا تدخل على أمس إذا كان معرفة إلا لضرورة الشعر كما تقدم مثاله.
٤ - ومن ذلك قولهم في الشيء الذي هو في غاية الكمال أو الجمال (ممتاز) وهو مأخوذ من اللغات الأجنبية لأن العرب لا تقول في الاستحسان والتفوق ممتاز بل تقول حسن، جميل جدا، فائق، بلغ الغاية في الكمال، ونحو ذلك. أما الممتاز فهو الذي يتميز عن غيره، قال تعالى في سورة يس رقم (٥٩){وامتازوا اليوم أيها المجرمون} جاء في تفسير الجلالين في هذه الآية ما نصه: {سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} سلامٌ مبتدأ (قولا) أي بالقول خبره {مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} بهم، أي يقول لهم سلام عليكم (و) يقول {وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ} أي انفردوا عن المؤمنين عند اختلاطهم بهم، اهـ.