ولا يبالون وربما يغضبون إذا نبهوا ويتعصبون، وهذا مضرب المثل (بالملح يصلح ما فسد، فكيف إذا الملح فسد) فلسان حال اللغة العربية ينشدهم:
إذا رمتم قتلي وأنتم أحبتي
إذن فالأعادي واحد والحبائب
٦ - ومن استعمار بل استعباد اللغات الأوربية للغة القرآن تسميتهم الرجل العظيم شخصية، والرجال العظماء شخصيات (واللفظ الإنكليزي لهذه الكلمة الدخيلة personality للمفرد personalities للجمع، والسبب في ذلك أن جهلة المترجمين ترجموا اللفظين خطأ بذلك، فتبعتهم العامة، ثم استسلمت الخاصة للعامة، وتبعتهم بسبب الخلط والخبط والارتباك الواقع في الإنشاء العربي، بل في سائر شؤون العرب في الأزمنة المتأخرة التي اختل فيها النظام، وبقى الناس فوضى، وقد راجعت كتب اللغة على سبيل الاحتياط فلم أزدد إلا يقينًا بفساد هذا الاستعمال، والصواب أن يقال بدل الشخصية رجل عظيم أو نبيل أو سري والشخصية لفظ مؤنث ففيه طعن وذم لمن وصف به فكيف يكون تعظيما وفي لسان العرب ما نصه.
والشخيص العظيم الشخص والأنثى شخصية والاسم الشخاصة. قال ابن سيدة ولم أسمع له بفعل فأقول إن الشخاصة مصدر، أبو زيد رجل شخيص إذا كان سيدا، وقيل شخيص إذا كان ذا شخص وخلق عظيم بيِّن الشخاصة وشخُص الرجل بالضم فهو شخيص أي جسيم اهـ.
قال محمد تقي الدين: يرحم الله ابن سيدة ما أشد حرصه على سلامة اللغة العربية، والمحافظة عليها من الاختلال، فحيا الله ذلك الزمان الذي كان فيه للغة العربية حماتها وأنصارها يذودون عن حماها ويصونونها من العابثين والجاهلين. فإنه رحمه الله، لم