تعبيرهم بالليلة الماضية أو ليلة أمس، كما تعبر بها الإذاعات ويقتدي بها المتكلمون والكتاب، والصواب أن يقال البارحة. قال صاحب اللسان: والبارحة أقرب ليلة مضت، تقول لقيته البارحة ولقيته البارحة الأولى، وقال ثعلب تقول مذ غذوت إلى أن تزول الشمس رأيت الليلة في منامي فإذا زالت، قلت رأيت البارحة من أمثال العرب ما أشبه الليلة بالبارحة! أي ما أشبه الليلة التي نحن فيها بالليلة الأولى التي قد برحت وزالت ومضت، اهـ كلام صاحب اللسان، وقد ضمن بعضهم هذا المثل فقال في ذم أصدقائه:
كل خليل كنت خاللته ... لا ترك الله له واضحة
كلهم أروغ من ثعلب ... ما أشبه الليلة بالبارحة
يقول أن أصدقاءه يشبه بعضهم بعضا في الخيانة والغدر ويدعو عليهم بأن لا يترك الله لأحدهم واضحة أي سنا. أقول البارحة الأولى من الليلة التي قبل البارحة وهذه العبارة لا تزال مستعملة عندنا في سجلماسة (تفلالت) وقد غير لفظها إلى أن صار هكذا (البارحة الأولى).
٤ - أما عن كذا وكذا، وهذا من التعابير المأخوذة من لغات المستعمرين، ولا تزال طرية يعرفها كل من يعرف اللغات الأجنبية واستعمارها للعربية، وطغيانها عليها، ومسخها لجمالها والصواب أن يقال أما ويأتي بالكلمة المقصورة مرفوعة، إن كانت عارية عن العوامل التي توجب نسبها نحو:
ولم أر كالمعروف أما مذاقه ... فحلو وأما وجهه فجميل
و(أما) إن كانت في متناول عامل ينصبها فيؤتى بها منصوبة كقوله تعالى: {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ} وأما إن كانت الكلمة جارّا ومجرورا فيؤتى بها بعد أما نحو {وَأَمَّا