فشيئا حتى صار معدوما بالمرة، ولنضرب لذلك مثلا، المرأة في اللغة العبرانية اسمها (اشه) وأصلها (اسة) فتقول مثلا (ها اشه طوبه) فمعناه المرأة طيبة، و (ها) هي أداة التعريف بمنزلة الألف واللام في العربية فالأصل (ها اشة طوبة) فلما وقع الفساد وتغيرت اللغة عند أصلها وانحرفت عنه حذفت هاء التأنيث في الكلمتين وأبدلت بألف مد كما يقال في العامية (الغرفا العاليا) وعربيتها في الأصل (الغرفة العالية) والدليل على ذلك أنك إذا أضفت كلمة (اشه) يظهر الأصل فتقول (اشة خاطوبة) معناه امرأتك طيبة، ولذلك اشتد ألمي وعظمت حسرتي لأننا إذا سرنا في هذا الطريق يزول الإعراب كله من لغة القرآن وتبعد عن أصلها كل البعد كما بعدت أختاها، فان قيل أن المتكلمين لا يريدون حذف هاء التأنيث وإنما يقفون على الكلمة ومعلوم أنها عند الوقف تبدل هاء فالجواب: إن للوقف مواضعه ونحن نسمعهم صباح مساء لا ينطقون بالهاء أصلا بل يكتفون بالحركة التي قبلها وهي الفتحة ولو نطقوا بها ما سَلِمُوا من الخطأ لأن الجمع بين الوقف والوصل لا يجوز كما هو مقرر في كتب علم التجويد، فإذا وقف المتكلم على كلمة مختومة بهاء التأنيث لا بد أن ينطق بها ساكنة ولا يقف إلا حين يحسن الوقف. وحد الوقف عند علماء التجويد أن يسكت القارئ بقدر ما يتنفس سواء تنفس أم لم يتنفس.
وفي الختام أدعو إخواني المعلمين والطلبة أن يتنبهوا لهذا الخطأ الفاحش وأن ينزهوا قراءتهم وكلامهم منه ولا يتسامحوا مع تلامذتهم إذا فعلوا ذلك وبهذا وأمثاله نحافظ على صحة لغة القرآن وحياتها وجمالها وكمالها، فإن من يعظم القرآن لا بد أن يعظم لغته، {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ}[الأحزاب: ٤].
١ - ومن ذلك تسميتهم القوة الناشئة عن النفط أو الكهرباء أو الغاز طاقة، وأكثر ذلك الطاقة خصوصا في هذه الأيام