(العملية) استعملوها أولا في الجراحات الطبية فأخذوا يقولون فلان أدخل المستشفى فأجريت له عملية جراحية ثم توسعوا فيها فصاروا يعبرون بها عن كثير من الأعمال فيقولون عملية التفتيش وعملية إنزال البضائع من الباخرة فيقحمونها قبل مصدر يدل على المعنى المطلوب فتكون عبثا وتكثيرا للكلام بلا فائدة وهذا الاستعمال مأخوذ من اللغات الأجنبية ترجم بها جهال المترجمين الكلمة الفرنسية operation وبالإنكليزية آبريشن، ولم تستعملها العرب ولا من جاء بعدهم من الكتاب والشعراء والمؤلفين واستعمالها يخدش وجه اللغة العربية ويشينها فينبغي للأديب الذي يحافظ على جمال لغة القرآن وفصاحتها ألا يستعملها في إنشائه فإن كان ولا بد فليقل علاج جراحي أو عمل جراحي، أما عملية التفتيش أو عملية إنزال البضائع من الباخرة ففي مثل ذلك يحذفها ويعبر بالتفتيش أو إنزال البضائع بدون ذكر العملية وبالله التوفيق.
٥ - ومن الكلمات الدخيلة التي جاء بها هذا العصر التبسيط يقال شرح الكتاب شرحا بسيطا ويقال يجب تبسيط كتب النحو يريدون بذلك التسهيل. أخذ ذلك من لفظ بسيط وقد تقدم انتقاد استعماله في نقد استعمال البساطة للتعبير عن السهولة في النقد الثاني عشر من تقويم اللسانين وهذا أيضا مما أخذ من اللغات الأجنبية بلا علم ولا هدى قال صاحب القاموس المحيط بسطه، نشره كبسطه بالتشديد اهـ فالبسط والتبسيط معناهما التوسيع والنشر قال الله تعالى في سورة الشورى:{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ}[الشورى: ٢٧]، وقال تعالى في سورة القصص في قصة قارون لما رآه الذين يريدون الحياة الدنيا وزينتها حين خرج عليهم بزينته وأمواله:{يَا لَيْتَ لَنَا مِثْلَ مَا أُوتِيَ قَارُونُ إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ}[القصص: ٧٩].