قال المعترض: وقال (فإن من كان عالما بالنحو في أي لغة كانت يتخذه مصباحا) وهذا التعبير كان أولى من غيره بتقويم اللسان، فإن مراده، من كان عالما بنحو لغة من اللغات يتخذه مصباحا، فاستعمل (أيا) هذا الاستعمال الغريب، وظن أن الضمير في (كان) يعود إلى اللغة، فألحق به تاء التأنيث، مع أن الفعل ينبغي أن يكون للعلم المفهوم من اسم الفاعل. وبيان ذلك من كان عالما بنحو لغة كائنا ما كان هذا العلم بالنحو، فإذا أراد اللغة وجب تقديمها فيقال (من كان عالما بلغة أي لغة كانت) فالفعل الذي يأتي بعد (أي) يعود ضميره إلى الاسم الذي قبلها وهذه أدنى مراتب الصحة أو دنياها، اهـ.
أقول: هذا كلام رجل يجادل بالباطل ليدحض به الحق، قد شوى الحسد قلبه، وأغصه بريقه، فأراد أن يهدم ما بينته، ويفسد ما أصلحته " {اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ}، {وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}[يونس: ٨٢] ".
قولي: في (أي) لغة كانت، جار ومجرور، في محل نصب متعلق بمحذوف حال من النحو، وكانت فعل تام، وفاعله ضمير مستترا جوازا تقديره، هي يعود على اللغة، وهذه الجملة في محل جر صفة للغة، وهذا كلام مستقيم لا إشكال فيه.