أولها وثانيها، فلم يبق إلا المد والهمزة، وذلك ما يسمى بألف التأنيث الممدودة كما في أصدقاء وأغنياء وغيرهما من الجموع، وكما في خضراء وحمراء وصحراء وغيرهن من الأسماء المفردة.
والذي حملهم على هذا التأويل أنها جاءت ممنوعة من الصرف في القرآن، قال تعالى في سورة المائدة (١٠١){يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ}.
وقال ابن حمدون على الأزهري: أشياء، جمع شيء، وأصله شياء فكرهوا اجتماع همزتين بينهما حاجز غير حصين وهو الألف فقدموا الهمزة الأولى - لام الكلمة على الفاء والعين، فصار أشياء، فهو ممنوع من الصرف لألف التأنيث الممدودة. اهـ.
أقول: علة منعه من الصرف غير معلومة يقينا، وتعليلات النحويين حدس وتخيل قلَّ ما يثبت أمام النقد، والمقصود بها ترسيخ القواعد في ذهن الطالب. أما أنباء وآراء وما أشبههما فلا معنى لمنعها من الصرف، وقد أصبح الإنشاء عند المتكلمين باللغة العربية لا يستفاد من المدرسة وقراءة كلام البلغاء، وحفظ أشعارهم، وإنما يؤخذ من الإذاعات والصحف، وذلك دليل على أن علم العرب اليوم بلغتهم ضحل، وذلك دليل على التخلف، وهم يرون الشعوب المتقدمة كبريطانيا وجرمانية وفرنسا تبذل الجهود والأموال في رفع مستوى لغاتها ونشرها في الدنيا كلها، فأين التقدم الذي يتبجح به بعضهم؟
[٤ - التعبير عن افتتاح المدرسة ونحوها بالتدشين]
يقولون: دشن المدرسة، أو المصرف، يعنون افتتحهما باحتفال، وهذا الفعل لم أجده في شيء من معاجم اللغة التي عندي إلا في المنجد، ولا عبرة به، لأنه يخلط الدخيل بالأصيل، وفي القاموس دشن: أعطى، وتدشن أخذ، وداشان: بلد،