على التخطئة والتصويب ابتغاء العيوب وإلصاقها بالبراء، شأن كل مريب.
٣ - قال المعترض: وقال في الكاف التي سماها استعمارية (وهذا الاستعمال دخيل لا تعرفه العرب) أراد (لم تعرفه العرب) وإلا فإن العرب عارفة به، فالمراد نفي الماضي لا المستقبل، جاء في الصحاح (لا) حرف نفي لقولك، يفعل، لم يقع الفعل، إذا قال: هو يفعل غدا، قلت، لا يفعل غدا ولا تنفي الماضي إلا إذا كررت، أو عوض عن تكرارها، وليس هذا موضع الجدال، لأن الفعل في الجملة المنقودة مضارع جعلته (لا) للاستقبال مع أن المراد نفي معرفة العرب قديما، اهـ.
أقول: من الشائع الذائع في كتب النحاة وعلى ألسنتهم، العرب لا تبدأ بساكن ولا تقف على متحرك، فهل معناه، لن تبدأ ولن تقف، بل المراد أنه ليس من عادتها ولا من شأنها أن تفعل ذلك، فالمعنى غير مقيد بالمعنى، ولو قلنا، لم تبدأ ولم تقف لم يحصل المراد، وكلام الصحاح قد ساء فهم المعترض له، فإن قوله (لا يفعل غدا) لا يدل على أن (لا) هي التي عينت الفعل للاستقبال، بل القرينة (غدا) هي التي عينته له قال ابن بونا في ألفيته:
واجعل في الاستقبال الأمر واقعا ... وقل به والحال فيما ضارعا
قال الناظم نفسه في شرح هذا البيت، أي المضارع، ولو (نفى) بلا خلافا لمن خصصها بالمستقبل، ومن وروده مع (لا) للحال قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا}، اهـ.
فهذه حكاية حال ماضية، وهي تحكى بالمضارع كما رأيت شاهده في كتاب الله، ولكن فهم المعترض منحصر في دائرة