المعترض بعد ذلك معرفة تامة، وكان يجمعنا بيت واحد، نشتغل فيه جميعا، وهو من الكتّاب المشهورين في النثر، وله نظم لا يبلغ حد الجودة، ولكن لا بأس به.
وقد طرق هذا الباب الذي طرقته أنا اليوم من قبل في الصحف العراقية وفي الإذاعة ولم ينجح فيه، بل كان عامة القراء يستهزئون به، ولم أتعرض قط، إلى نقده، مع أني وجدت في ما كتبه ثغرات وأخطاء لأني أعلم أنه من الأساتذة القليلين الذين يكتبون إنشاء حسنا ويتكلمون كلاما قليل الخطأ، فغض الطرف عن هفوات هؤلاء عندي هو الصواب، والسعي في هدم ما بنوه من الفساد.
وأنا لا أطمع أن يكون له من أصالة الرأي وسداده ما يحمله على أن يعاملني بمثل ما عاملته به، لأن طبعه لا يسمح له بذلك، وحسبي أن يكون انتقاده معتدلا خاليا من الجور وأمارات سوء القصد، ولكن الأمر كما قيل:
وكل إناء بالذي فيه يرشح
١ - (بدون) قال المعترض: قال في مقالته (ويرخون العنان لأقلامهم بدون تبصر ولا تمييز، ثم قال: وإنما سميت زائدة، لأن الكلام يتم بدونها) فأنا أقول له، من استعمل كلمة (دون) من فصحاء الأمة العربية هذا الاستعمال؟ ولهذا المعنى؟ إن معنى بدونها، هو بأقل منها.
المجيب: يالله للعجب، من جهل هذا المعترض بقواعد النقد! كيف يحتج بكلام المؤلفين من الفقهاء، كأن كلامهم قرآن، أو حديث نبوي، أو شعر امرئ القيس أو النابغة الذبياني، ومن قال لك: إن كلام الفقهاء حجة في اللغة العربية؟ يرجع إليه ويعتمد في الحكم عليه؟ كان يجب عليك قبل أن تتصدى للاعتراض أن