للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هداكم.

٣ - أن تكون زائدة إذا دخلت على كلمة بمعناها، وجعل منه قوله تعالى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} [سورة الشورى: ١١] فإن قلت: إن كانت زائدة لا فائدة في ذكرها، فلماذا جاءت في القرآن؟ فالجواب، أن فائدتها التوكيد، وإنما سميت زائدة، لأن الكلام يتم بدونها، كما تزاد (من) للتوكيد كقوله تعالى في {أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ} [سورة المائدة: ١٩]: فمن: هنا زيدت لتوكيد النفي، ولو حذفت لكان الكلام تامًا.

[٤ - أن تكون اسما بمعنى مثل، كقول الشاعر]

أتنتهون ولن ينهى ذوي شطط ... كالطعن يذهب فيه الزيت والفتل

الاستفهام هنا إنكاري. يقول الشاعر لأعدائه: كيف تنتهون عن ظلمكم وبغيكم، ولن ينهي ذوي الظلم شيء مثل الطعن المبيد، المهلك الذي لا يترك لهم شيئًا، لا أنفسًا ولا أموالًا، فإن ذهاب الزيت والفتيلة كناية عن الهلاك التام، وهذا ينبغي أن يقال للمستعمرين، إذا كانت الرماح التي يطعن بها حاضرة، وهي في هذا الزمان القنابل المحرقة التي لا تبقي ولا تذر. فهذه معاني الكاف عند العرب، وما سواها شاذ لم يجيء في الكلام البليغ.

وإنما وقع جهلة المترجمين في هذا الاستعمال الفاسد لضعفهم في اللغتين أو إحداهما، فلا يستطيعون إدراك معنى الجملة مجتمعة ليصوغوا في اللغة الأخرى جملة تؤدي المعنى المطلوب بألفاظ جيدة الاستعمال، واقعة في مواضعها التي يقتضيها النظم الفصيح. وهذا العجز هو الذي يلجئهم إلى أن يبدلوا كل مفرد في إحدى اللغتين بمفرد آخر في اللغة الأخرى، فيجيء التركيب

<<  <   >  >>