ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} [النمل: ١٣ - ١٤] فالضمير في استيقنتها يعود على الآيات المبصرة أي البينة المذكورة قبل هذا، وقال تعالى في سورة الجاثية حكاية عن الكافرين المكذبين
بالبعث {وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ}[الجاثية: ٣٢] قال صاحب اللسان: اليقين العلم وإزاحة الشك وتحقيق الأمر، وقد أيقن يوقن إيقانا، فهو موقن، ويقن ويَيقن فهو يَقِن، واليقين نقيض الشك، والعلم نقيض الجهل، تقول علمته يقينا، وفي التنزيل {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ}[الحاقة: ٥١] أضاف الحق إلى اليقين وليس هو من إضافة الشيء إلى نفسه، لأن الحق هو غير اليقين إنما هو خالصه واضحه فجرى مجرى إضافة البعض إلى الكل، وقوله تعالى:{وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ}[الحجر: ٩٩] أي حتى يأتيك الموت، كما قال عيسى بن مريم، على نبينا وعليه الصلاة والسلام:{وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا}[مريم: ٣١]. وقال ما دمت حيا وإن لم تكن عبادة لغير حي لأن معناه اعبد ربك أبدا، واعبده إلى الممات، وإذا أمر بذلك فقد أمر بالإقامة على العبادة، ويقنت الأمر، بالكسر، ابن سيدة: يقن الأمر يقنا ويقنا وأيقن به وتيقنه واستيقن به واستيقنه وتيقنت بالأمر واستيقنت به كله بمعنى واحد، وأنا على يقين منه وإنما صارت الياء واواً في قولك موقن للضمة قبلها وإذا صغرته رددته إلى الأصل وقلت مييقن وربما عبروا بالظن عن اليقين وباليقين عن الظن، قال أبو سدرة الأسدي ويقال:
تحسب هواس وأيقن أنني ... بها مفتقد من واحد لا إنما مره
يقول: تشمم الأسد ناقتي يظن أنني أفتدي بها منه وأستحمي نفسي فأتركها له ولا أقتحم المهالك بمقاتلته وإنما سمى الأسد هواسا لأنه يهوس الفريسة أي يدقها اهـ.