للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقول صاحب القاموس أكد الحنطة داسها أي درسها ليتميز حبها من تبنها. والحنطة هي البُر بالضم، وتسمى القمح فالحنطة مأكودة، - وأكده تأكيدا أكد العهد أو اليمين يؤكده تأكيدا ووكده كذلك فهو موكد ومؤكد.

ووكده بالتخفيف ثلاثيًا وأكده فهو موكود وأكيد وفعيل هنا بمعنى مفعول والتوكيد التوثيق، وقول صاحب المنجد أكد ووكد العهد أو السرج شده وأوثقه، نفهم منه أن توكيد العهد واليمين توثيق معنوي وتوكيد السرج توكيد حسي، وتأكد العهد أو السرج مطاوع أكد. وعليه نقول أكدت العهد والخبر والسرج مثلا، فتأكد أي توثق وصار محكما، والعجب من صاحب اللسان وصاحب القاموس إذ أهملا فعل المطاوعة وهو تأكد ومن دواعي الأسف أنه لا يوجد عندي الآن من كتب اللغة إلا الثلاثة المذكورة، وسائر كلامه واضح - وقوله وتعالى {وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا} [النحل: ٩١] دليل على أن التوكيد بالواو أفصح من التأكيد بالهمزة سواء أقلنا قلب الواو همزة أم قلنا أنها بدل منه، وإطلاق التوكيد في كتب النحو على التابع مجاز من باب إطلاق المصدر وإرادة اسم الفاعل لأن التابع موكد بكسر الكاف للمتبوع فإذا قلنا جاء زيد نفسه، أو عينه لدفع احتمال أن يكون المراد جاء كتابه أو رسوله فإن النفس والعين مؤكدتان لمجيء زيد حقيقة لا مجازا وكلام الأشموني واضح، نفهم من ذلك كله أن العهد واليمين والخبر وما أشبه، يتأكد أو لا يتأكد، أما المتكلم فلا يؤكد ولا يتأكد فلا يقال أكدت فلانا فتأكد حتى يستطيع هو أن يقال أنا متأكد، بقي أن يقال إذا كان قول الكاتب أو المتكلم أنا متأكد من ذلك الأمر خطأ فما هو الصواب؟ علمنا يرحمك الله فالجواب أنه يجب أن يقول أنا مستيقن هذا الخبر أو أنا مستيقن لهذا الخبر قال تعالى في سورة النمل: {فَلَمَّا جَاءَتْهُمْ آيَاتُنَا مُبْصِرَةً قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُبِينٌ * وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ

<<  <   >  >>