ولم يجئ جمعا، كما أن المنصوب بعد العدد الذي هو الذي أحد عشر إلى تسعة وتسعين لا يكون إلا واحدا، وكم الاستفهامية قد تقع موقع المبتدأ في مثل قولك: كم عبد لك؟ فكم مبتدأ، ولك الخبر، ونصبت عبدا على التمييز. وقد تقع موقع المفعول به في مثل قولك: كم رجلا رأيت؟ ، وتقع موقع الجار والمجرور تارة بحرف الجر في مثل قولك: بكم دراهم بعت، وتارة بالإضافة في مثل قولك: ابن كم سنة أنت؟ اهـ.
وقد راجعت الترجمة الإنكليزية لقوله تعالى في سورة البقرة (١٧٥){فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ} وترجمة قوله تعالى في سورة مريم (٣٨){أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنَا} وترجمة قوله تعالى في سورة الكهف (٢٦){أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ مَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ}، وهذه صيغ تعجب، وهي من الله تعالى للتعجب، فوجدت المترجم ترجمها كلها بأدوات الاستفهام, إذ لا يوجد في الإنكليزية صيغة تعجب، ومن هنا جاء معظم البلاء فإن لغة المستعمر الغالب استعمرت اللغة العربية كما استعمرت أهلها، فغيرت تراكيبها، وشوهت محاسنها، وتركتها جسد بلا روح، فالمفردات عربية، والتراكيب أعجمية.
[٤ - تعبيرهم بالتمني عن الدعاء وإرادة الخير]
لم يزل المسلمون، والعرب الجاهليون قبلهم يدعون الله بالخير لمن يحبون، ويدعون بالشر على من يبغضون إلى زمان الدولة العثمانية، فإن الكلمة التي كانت تكتب قبل التوقيع في آخر الرسالة (داعيكم) يعنون الداعي لكم، ولما جاء الاستعمار، وتغلبت لغاته ترجموا اللفظ الانجليزي I wish you بقولهم: أتمنى لكم، وهي ترجمة فاسدة، لأن الفعل الإنكليزي المذكور يعبر عن الإرادة والرغبة الشديدة.