بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} وأما هؤلاء الكتاب المخطئون فإنهم جعلوا كل كلمة تأتي بعد مجرورة بِعَن، مثلا أما عن فلان فقد فعل كذا وكذا فيقحمون (عن) بدون معنى لموافقة جهلة المترجمين، ولو سألت أحدهم لماذا عبرت بهذه العبارة، لقال لك سمعت كتابا مترجمين، وخطباء ومذيعين يعبرون بها، فهل يجوز أن يكون هؤلاء كلهم مخطئين؟ ولو سألت أولئك الكتاب والخطباء لما كان جوابهم أضل من جواب مقلدهم. وهذا مضرب المثل (تمسك غريق بغريق) أي أعمى يقود أعمى. وما المانع أن يكونوا مخطئين فهل هم معصومون؟ فالمعصوم من الخطأ عند علماء هذا الشأن هو القرآن وما صح من كلام العرب الخلص إلى آخر عهد بني أمية قبل أن يفشو اللحن والخطأ، وتختل اللغة، ويرجع كذلك إلى قواعد اللغة ومن نظر في كتاب الله وكلام العرب، يتبين له لأول وهلة جهل هؤلاء المركب، فإنهم يجهلون ويجهلون أنهم جاهلون وما أكثر هذا الجهل المركب في البلدان المتأخرة التي اختلط حابلها بنابلها والتبس حقها بباطلها.
٥ - لم ترضخ للاستعمار: - من الأفعال الشائعة الاستعمال في الصحف والمجلات والخطب وكلام الناس والإذاعات استعمال رضخ له بمعنى خضع وهو استعمال مخترع مكذوب لا أصل له فإن الرضخ إذا تعدى بنفسه فمعناه الكسر وإذا تعدى باللام فمعناه العطاء القليل، يقال رضخ رأس الحية أي كسره ورضخ له من ماله أي أعطاه شيئا قليلا، ورضخت المرأة النوى بالمرضخة أي كسرته لتجعله خلصا للمواشي، ومن لا يزن كلامه بقسطاس مستقيم بل يأخذ إنشاءه من كلام كل من هب ودب فإنه يقع في أخطاء لا تعد ولا تحصى، ولا نتعجب من العامة إذا فعلوا ذلك وإنما نتعجب من الخاصة الذين يرجى منهم أن يسهروا على تحقيق اللغة وإصلاح الخطأ، فإذا بهم يرتكبون الأخطاء