في هذا الأمر قبل أن تكتبه وترسله من بغداد إلى الرباط هدية ثمينة إلى أدباء المغرب وأدباء العالم؟ ما أخال أن أدباء العراق يرضون بخطتك هذه، ويعتبرونها شيئا مشرفا، وقد يعتبرونك كبراقش التي كانت تجني على أهلها، ونحن ننزه أدباء العراق المحققين عن مثل هذه السفاسف المرتجلة.
ثم إن تمثيل الإمام ابن عقيل لحذف النعت أي الصفة بقوله تعالى في سورة البقرة:(٧١){قالوا، الآن جئت بالحق} أي البين، فحذفت الصفة وهي البين، تمثيل غير صحيح، لأن موسى قال لهم {إن الله يأمركم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزؤا، قال أعوذ بالله أن أكون من الجاهلين} فلم يكن بنو إسرائيل يعتقدون أن موسى أجابهم في أول الأمر بالحق المبهم، وفي آخر الأمر بالحق البين، بل ظنوا أنه يتخذهم هزؤا، وفهم موسى ذلك من كلامهم، فاستعاذ بالله منه، وعده من الجهل وهو السفه.
وكذلك تمثيله بقوله تعالى في سورة هود (٤٦){إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} أي الناجين، لا حاجة إلى تقدير هذا النعت، لأن نوحا عليه السلام حين قال:{رَبِّ إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} لم يرد بذلك أن يخبر أن الابن الهالك من ذريته، وإنما أراد أن يقول، إنه من أهله الذين يستحقون الرحمة والعفو لقربه من رسول الله نوح أحد أولي العزم، فأخبره الله أن ذلك الابن ليس من المؤمنين بما جاء به أبوه، فلا يستحق النجاة ولا الرحمة بالقرابة المجردة، فإنها لا قيمة لها عند الله، قال تعالى في سورة الطور:(٢١){وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ}.
وقال تعالى في سورة الأنعام بعد ذكر الرسل:(٨٧ - ٨٨){وَمِنْ آبَائِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَإِخْوَانِهِمْ، وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ، وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} فمن أشرك من ذرية الرسل