في أوربا أو في آسيا، وحتى في إفريقية، كلما سألني سائل، من أين أنت أقول: من المغرب فيبادر بسؤال آخر، أنت من المغرب الإسباني أو من المغرب الفرنسي، أو من طنجة الدولية؟
فأقول: المغرب بلد واحد، وهو للمغاربة، فلا يريد أن يصدقني أحد، كأن المغرب خلقه الله، يوم خلق السموات والأرض مجزأ ثلاثة أجزاء، مع أن تقسيمه نشأ منذ زمان قريب، ولم يستمر إلا ثلاثا وأربعين سنة.
وأغرب من ذلك أني لما أردت التجنس بالجنسية العراقية سنة ١٩٣٤ قدمت طلبًا إلى الدوائر المختصة في البصرة فبقيت الأوراق تنتقل من دائرة إلى دائرة مدة شهرين، ثم بعثت إلى بغداد العاصمة، فسافرت لأتعقبها إلى بغداد، وبقيت شهرين أستنجد وأتشفع حتى وصلت الأوراق إلى يد مدير وزارة الداخلية، فأخذ جواز سفري يتأمله وأنا واقف أمامه، وإلى جانبي الأستاذ كمال الدين الطائي من كبار علماء بغداد تفضل بمرافقتي ليعينني ويشفع لي، فقال المدير: بفظاظة، ما هي جنسيتك؟ فقلت: مغربي فاستشاط غضبًا وقال: (جنسية هتشي ماكو) يعني لا توجد جنسية هكذا، قل: فرنسي، فقلت بل هي موجودة، فانظر ما هو مكتوب على الجواز باللغة الفرنسية (أمبير شريفيان) أي الدولة الشريفية، فلم يقتنع بذلك، فقلت له: هل كنت أنت إنكليزيا قبل سنتين؟ أي قبل المعاهدة الأخيرة، فقال لي:(حنا كنا عثمانيين، ومن بعد صرنا عراقيين) فقلت له أنا: (ونحن دولة مغربية منذ ما يزيد على ألف سنة، منذ أسس الإمام إدريس بن عبد الله الدولة المغربية واستقلت عن الدولة العباسية) فجذبني الأستاذ كمال الدين من ثيابي وقال لي: دع هذه القضية، فسأتعقبها أنا، لأنه رأى أن القضية قد دخلت في طور خطير بالجدال مع مدير