للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأفقدتها جمالها وفصاحتها، وأنا لا أعتقد أن المعترض يجهل هذا، ولكنه ركب رأسه، وحاد عن سواء السبيل بقصد أن يهدم ما بنيته من صروح الإصلاح فهدم نفسه كما قال المتنبي:

وكم من مريد ضرَّه ضرَّ نفسه ... وهاد إليه الجيش أهدى وما هدى

وزعمه أن الكاف الاستعمارية تؤول على أنها للتعليل زعم قليل، فقولنا: فلان كوزير لا يجوز له أن يتعاطى التجارة، لا يفهم منه أحد أن الكاف للتعليل إلا إذا كان فهمه عليلا، فاسمع أيها المعترض ما يقوله ابن هشام في المغنى.

(الكاف المفردة) جارة وغيرها، والجارة حرف واسم، الحرف له خمسة معان، أحدها التشبيه، نحو زيد كالأسد، والثاني: التعليل أثبت ذلك قوم، ونفاه الأكثرون، وقيد بعضهم جوازه، بأن تكون الكاف مكفوفة بها، كحكاية سيبويه، كما أنه لا يعلم، فتجاوز الله عنه، والحق جوازه في المجردة من ما نحو: {وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} أي أعجب لعدم فلاحهم، وفي المقرونة بما الزائدة كما في المثال، وبما المصدرية، نحو {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ} الآية، قال الأخفش، أي لأجل إرسالي فيكم رسولا منكم فاذكروني، وهو ظاهر في قوله تعالى: {وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ} وأجاب بعضهم بأنه من وضع الخاص موضع العام، الذكر والهداية يشتركان في أمر واحد، وهو الإحسان، فهذا في الأصل بمنزلة: {وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} والكاف للتشبيه ثم عدل عن ذلك للإعلام بخصوصية المطلوب.

وما ذكرناه في الآية من أن ما مصدرية، قاله جماعة وهو الظاهر وزعم الزمخشري وابن عطية وغيرهما أنها كافة، وفيه إخراج الكاف عما ثبت لها من عمل الجر بغير مقتض، واختلف في نحو قوله:

<<  <   >  >>